مؤشرات على ذوبان الجليد في العلاقات التركية السعودية؟

ترجمة اقتصاد تركيا والعالم

نظرًا لأن المقاطعة غير الرسمية التي تقودها السعودية للبضائع التركية في العديد من الدول العربية تضر بمجال النفوذ التركي، فقد أجرى الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود والرئيس التركي رجب طيب أردوغان محادثة هاتفية في 20 نوفمبر. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لرويترز إن علاقات المملكة بتركيا "طيبة وودية".

في الواقع، أرسلت المملكة العربية السعودية مساعدات إنسانية في أعقاب الزلزال الذي ضرب إزمير في أوائل نوفمبر. عندما سُئل عن سبب عدم تغطية هذه المساعدات في وسائل الإعلام التركية، قال دبلوماسي تركي رفيع المستوى تحدث إلى "المونيتور" بشرط عدم الكشف عن هويته: "جاءت المساعدة المقدمة بعد ستة أيام من الزلزال، وفي نفس الوقت الذي تم فيه فوز بايدن [في الولايات المتحدة). لم نفكر في ذلك كثيرًا".

وقال دبلوماسي كبير آخر لـ"المونيتور": "اتصل أردوغان بملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في 12 تشرين الثاني نوفمبر لتقديم تعازيه برئيس الوزراء البحريني الراحل، لكن السبب الحقيقي هو إرسال رسالة إلى الرياض بأننا مستعدون للحديث".

تم تفسير هذه الإيماءات والمكالمات الهاتفية الودية مباشرة قبل اجتماع مجموعة العشرين في المملكة العربية السعودية على أنها خطوة أولى لإذابة العلاقات.

نادرًا ما يتم نشر التنافس المتزايد مع الدول العربية التي تقودها السعودية وتداعياته السياسية والاقتصادية في الأخبار التركية في أوقات الذروة. لذلك، فإن المناقشات حول انفراج محتمل في العلاقات ليست قضية عامة لأردوغان. ومع ذلك، يبدو أن أنقرة مسرورة برؤية انخفاض كبير في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي المعادية لتركيا. وبحسب المونيتور فهناك انخفاض حاد في وتيرة الحملات الإعلامية الموجهة ضد تركيا منذ الاتصال الهاتفي للملك السعودي.

قال مراقب إعلامي بارز مؤيد للعدالة والتنمية لـ"المونيتور" إن الأسرة الحاكمة والشخصيات المعروفة على تويتر التابعة للرياض قلصت من هجماتها.

وقال كريستيان كوتس أولريتشسن، زميل الشرق الأوسط في معهد بيكر بجامعة رايس، لـ"المونيتور": "وجهة نظري هي أن العلاقة مع تركيا هي إحدى القضايا التي تشعر القيادة السعودية أنها يمكن أن تعمل على تحسينها قبل تولي إدارة بايدن السلطة، جزئيًا لتقليل العزلة المحتملة للمملكة".

يمكن أن يُعزى توقيت محاولات إذابة العلاقات إلى رئاسة بايدن. على الرغم من التنافس المرير بين الرياض وأنقرة، تمتع كلا البلدين بفوائد كبيرة من إدارة ترامب. في السنوات الأربع الماضية، انخرطت المملكة العربية السعودية وتركيا في منافسة على قيادة المنطقة. ندد الأمين العام لجامعة الدول العربية مؤخرًا "بالتدخلات التركية" ورفع علمًا أحمر لإدارة بايدن بشأن أنقرة "كمصدر لعدم الاستقرار في المنطقة"، كما تقول المونيتور.

ساعدت العقوبات القاسية التي فرضتها إدارة ترامب على احتواء التوسع الإيراني في المنطقة. مع خروج ترامب من الصورة، لا يمكن لإيران سوى تحسين مكانتها الاقتصادية والسياسية وسيكتسب دورها أهمية أكبر، وهذا الاحتمال سيزيد من نقاط الضعف السعودية بشكل كبير.

ترى أنقرة أيضًا أن المقاطعة التي قادتها السعودية عام 2017 ضد حليفتها القوية قطر قد فشلت تمامًا. تم تكثيف الجهود لإنهاء الخلاف الدبلوماسي بين دول مجلس التعاون الخليجي. كان هدف أنقرة هو عزل الإمارات العربية المتحدة والتصالح مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة. يبدو أن انهيار العلاقات مع تركيا كان يمثل مشكلة بالنسبة للإمارات العربية المتحدة أكثر من المملكة العربية السعودية، على الرغم من العلاقة الوثيقة بين الرياض وأبو ظبي. لذلك ربما تم تحديد العلاقات السعودية التركية على أنها إحدى القضايا التي يمكن معالجتها بسرعة إلى حد ما وبشكل غير مؤلم نسبيًا من وجهة نظر الرياض.

قد يكون لتركيا نفوذ واحد على الرياض. تلك هي قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018. وعلق مسؤول تركي رفيع المستوى: "سيكون اختبارًا جيدًا لأوراق الاعتماد الديمقراطية للإدارة القادمة، فضلاً عن ورقة مساومة جيدة ضد الرياض".

مع تدهور التراجع التركي، يحرص أردوغان على احتواء مجال النفوذ السعودي في المنطقة لضمان عدم تسبب العداء في إلحاق المزيد من الضرر بالمصالح التركية. أثارت الأنباء التي تفيد بأن هيئة المنافسة التركية وافقت على حقوق الاستثمار لشركة أرامكو السعودية، دهشة المعارضة التركية في أواخر نوفمبر. قد لا تكون المخاوف الاقتصادية والسياسات العالمية المتغيرة كافية لإعادة العلاقات بين الرياض وأنقرة.

يأمل أردوغان، انقسام قادة الخليج بشأن العلاقات مع تركيا. هذا أكثر تعقيدًا مما يبدو. أنقرة مصممة على القتال من أجل مصالح الإخوان المسلمين في المنطقة. وهذا يعني توفير الملجأ لأعضاء الحركة المنفيين، وكذلك تنسيق المساجد والشبكات في جميع أنحاء المنطقة وحتى في أوروبا.

ولم تُظهر السعودية أي مؤشر على أنها ستخفف من لهجتها أو تخوض معارك ضد الجماعة. في الواقع، في 11 تشرين الثاني (نوفمبر)، نشر مجلس كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بيانا ينتقد السلوك "الفوضوي" للحركة ووصفها بأنها منظمة إرهابية. في الأيام التالية، أعلن مجلس الفتوى الإماراتي الجماعة المحظورة منظمة إرهابية.

الإخوان المسلمون خط أحمر لكل من السعودية وتركيا. لقد كانت عقبة رئيسية في إصلاح العلاقات مع القاهرة. على الرغم من أن دعاوى أنقرة كثيرًا ما تتحدث عن تجزئة الشؤون الخارجية، إلا أن التفاوض بشأن التنظيم مع تل أبيب أسهل من القاهرة. قد تتفهم أنقرة الكراهية الإسرائيلية للإخوان المسلمين، لكن عندما يتعلق الأمر بالدول ذات الأغلبية المسلمة الأخرى، فإنها لا تستطيع تحمل عقلية مناهضة للإخوان.

إن افتراض أن الرياض أو أنقرة ستغيران موقفهما من جماعة الإخوان المسلمين أمر شاق. والعقبة التالية أمام العودة إلى مستوى الصداقة بين الاثنين في عام 2015 هي مدى انتشار تأثير لعبة شد الحبل هذه. يشتبك التحالف الذي تقوده السعودية مع تركيا وقطر ليس فقط في الخليج، ولكن أيضًا في المغرب العربي وأوروبا. حتى قضية كشمير عرضة لأن تصبح ساحة معركة أخرى لتنافس النفوذ بين هاتين الكتلتين. سيتطلب إنهاء كل مناطق الصراع الفردية هذه صرامة دبلوماسية كبيرة، ولا يبدو أن أيًا من الطرفين مهتم.

عادت أنقرة إلى أعقابها في مواجهة التحديات الاقتصادية. ومع ذلك، فهي تعتقد أن المثابرة ستؤتي ثمارها في غضون سنوات قليلة. وهي مقتنعة بأن المملكة العربية السعودية بدأت ترى أن تحالفها مع الإمارات العربية المتحدة مكلف الآن بعد توقعات أن تكتسب إيران المزيد من القوة. تعتقد أنقرة أن المملكة العربية السعودية بحاجة إلى دعمها الآن أكثر من أي وقت مضى. بأسلوبها الأكثر براغماتية، من المرجح أن يشاهد أردوغان الرياض وهي تخفف من حدة عداوتها على عدة جبهات قبل الالتزام بعملية التقارب.

ترجمة عن موقع المونيتور