التضخم في الولايات المتحدة يقفز إلى أعلى مستوى في 40 عامًا
واشنطن-اقتصاد تركيا
قفزت تكاليف الوقود والطعام والضروريات الأخرى في أمريكا خلال مايو، ما أدى إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له في أربعة عقود (1981) ولم يمنح الأسر الأمريكية أي فترة راحة من ارتفاع التكاليف.
وصرحت وزارة العمل يوم الجمعة أن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 8.6% الشهر الماضي من 12 شهراً سابقة، وهو ما يعد أسرع من الارتفاع السنوي الذي شهده شهر إبريل والذي بلغ 8.3%.
على أساس شهري، قفزت الأسعار بنسبة 1% في مايو، وهو ارتفاع حاد من زيادة 0.3% من مارس إلى إبريل. كانت أسعار الغاز المرتفعة بشكل كبير هي السبب في معظم تلك الزيادة.
وتوقع بعض المحللين أن مقياس التضخم الذي أعلنته الحكومة يوم الجمعة - مؤشر أسعار المستهلك - قد ينخفض إلى أقل من 7% بحلول نهاية العام. في مارس، وصل مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي إلى 8.5%، وهو أعلى معدل منذ عام 1982.
القدرة الشرائية
سجلت القدرة الشرائية للأسر الأمريكية تراجعاً كبيراً سواء لملء خزانات السيارات بالوقود أو للتبضع في السوبرماركت أو حتى شراء بطاقات سفر.
وتباطأ التضخم قليلاً في إبريل/نيسان ولو أنه بقي بنسبة +8,3% بوتيرة سنوية، وهي نسبة قريبة جداً من أعلى مستويات التضخم خلال أربعين عاما حين بلغ +8,5% في /مارس.
وتوقعت مجموعة محللين استطلعت وكالة بلومبرغ آراءهم متوسط 8,3% في مايو/أيار، كما في إبريل/نيسان.
وأظهرت المقارنة مع الشهر السابق تباطؤاً أكبر بكثير في إبريل/نيسان بلغ +0,3% مقابل 1,2% في مارس/آذار، غير أن التضخم قد يكون تسارع من جديد في مايو/أيار؛ إذ يتوقع المحللون +0,7%.
وقال إيان شيفردسون رئيس قسم الاقتصاد في شركة Pantheon Macroeconomics إن التضخم «ستدفعه... أسعار الوقود والمواد الغذائية» متوقعاً كذلك «زيادات جديدة في كلفة النقل الجوي وغرف الفنادق».
كلفة الشحن البحري
ويثير هذا التضخم المرتفع جداً مخاوف بايدن قبل أشهر قليلة من استحقاق انتخابي حاسم سيجدد قسماً كبيراً من أعضاء الكونغرس.
وكتب الرئيس الأمريكي في تغريدة الخميس: «من أسباب ارتفاع الأسعار أن حفنة من الشركات التي تسيطر على السوق زادت أسعار الشحن (البحري) بنسبة تصل إلى ألف في المئة. هذه فضيحة، وأدعو الكونغرس إلى التحرك».
ويصوت مجلس النواب الأسبوع المقبل على نص أقره مجلس الشيوخ في مارس/آذار، يهدف إلى خفض التكاليف وتخفيف الضغط على سلاسل الإمداد من خلال إصلاح ممارسات الشحن غير النزيهة، على ما أعلن رئيس مجلس الشيوخ الديمقراطي تشاك شومر الخميس.
ويشير النص إلى أن سعر الحاوية البالغ حجمها 40 قدماً ازداد من نحو 1300 دولار قبل وباء كوفيد-19 إلى 11 ألف دولار في أيلول/سبتمبر 2021 وقال شومر إن المستهلك الأمريكي يدفع الثمن.
غير أن المعارضة الجمهورية تتهم السياسة الاقتصادية التي انتهجها الرئيس الديمقراطي بالتسبب بهذا التضخم غير المسبوق منذ بداية الثمانينات.
وتسببت الصعوبات في سلاسل الإمداد العالمية بارتفاع الأسعار في كل أنحاء العالم، غير أن هذه الأزمة ازدادت حدة في الولايات المتحدة؛ إذ اقترنت بنقص في اليد العاملة، في وقت أدت المساعدات المالية الحكومية السخية إلى تحفيز الطلب.
ومع الحرب في أوكرانيا، ازدادت الظاهرة حدة وسجلت أسعار الوقود والمواد الغذائية ارتفاعاً كبيراً.
كبح الطلب
وبمواجهة هذا الوضع المتشعب، لا يزال الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يملك بعض الأوراق للتحرك، أبرزها كبح الطلب من قبل المستهلكين والشركات.
ولتحقيق ذلك، يعمد البنك المركزي إلى رفع معدلات فائدته الرئيسية تدريجياً، ما يدفع بالتالي المصارف التجارية إلى عرض قروض بأسعار أعلى على زبائنها. ومن المتوقع في هذا السياق أن يقر الاحتياطي الفيدرالي زيادة إضافية في 15 يونيو/حزيران، تليها زيادة أخرى في أواخر يوليو/تموز.
وأوضحت روبيلا فاروقي رئيسة قسم الاقتصاد في شركة High Frequency Economics أن التضخم «تباطأ على الأرجح في مايو/أيار، لكن زيادة الأسعار ستبقى مرتفعة، ما يبقي الاحتياطي الفيدرالي على السكة لمواصلة تطبيع» سياسته النقدية. غير أن التصدي للتضخم قد ينعكس على الاقتصاد الأمريكي، ما يثير مخاوف من حصول انكماش. كما أن البطالة قد تعود إلى الارتفاع.
وحذر البنك الدولي هذا الأسبوع من مخاطر «انكماش تضخمي» على المستوى العالمي، ما يعني «فترة مطولة من النمو الضعيف والتضخم المرتفع».
ويصدر لاحقاً هذا الشهر مؤشر آخر لقياس التضخم هو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الذي تنشره وزارة التجارة ويعتمده الاحتياطي الفيدرالي. وهو أيضاً تباطأ في إبريل/نيسان مسجلاً 6,3% بوتيرة سنوية. وتصدر أرقام مايو/أيار في 30 يونيو/حزيران.
المصدر: وكالات