مسؤول عراقي يهدد بـ"تجريم" التعامل الاقتصادي مع تركيا
بغداد-اقتصاد تركيا
هددت بغداد باتخاذ "إجراءات رادعة" ضد إيران وتركيا، اللتين تتهمهما بحرمان العراق من حصته في مياه الأنهار النابعة من إراضيهما.
ولوح النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي، حاكم الزاملي، الخميس بإمكانية "إصدار قانون برلماني لتجريم التعاون الاقتصادي والتجاري مع تركيا وإيران إذا استمر تجاوزهم على حصة العراق المائية".
ودعا الزاملي مجلس الوزراء إلى "عقد جلسة طارئة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتدارك الأزمة وتنظيم العلاقة المائية مع دول المنبع".
ويشكل ملف المياه تحديا أساسيا في هذا البلد شبه الصحراوي، الذي يبلغ عدد سكانه 41 مليون نسمة، فيما تكرر بغداد اتهاماتها لجارتيها، تركيا وإيران، بخفض منسوبات المياه الواصلة إلى العراق بسبب بناء سدود على نهري دجلة والفرات.
ويعد العراق، الغني بالموارد النفطية، من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، بحسب الأمم المتحدة، خاصة مع تزايد الجفاف وارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز في مرحلة من فصل الصيف 50 درجة مئوية.
واعتبر الزاملي في اجتماع طارئ في وزارة الموارد المائية أن "قطع المياه عن العراق من قبل تركيا وإيران يعتبر استهدافا مباشرا لحياة العراقيين لا يمكن السكوت عنه"، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب إن "العراق بلد ليس ضعيفا، وهناك الكثير من القرارات الرادعة"، داعيا "دول الجوار إلى التفاوض لضمان حصة البلاد المائية"، مشيرا إلى أن "تركيا قطعت 80 في المئة من المياه"، أما إيران التي "لم تبد أي تعاون"، فقطعت المياه بالكامل، حسب قوله.
وكان وزير الموارد المائية، مهدي رشيد قد صرح مؤخرا لوكالة أسوشيتد برس "إن منسوب الانهار انخفض بنسبة 60 في المئة مقارنة بالعام الماضي".
دول المنبع
نقيب الجيولوجيين العراقيين، ظافر عبدالله، قال "إن مناطق وسط وجنوب العراق تعاني الأمرّين، بسبب نقص المياه، والذي تسببت في تقليص المساحات الزراعية بشكل كبير".
وأرغم الجفاف ونقص المياه العراق على خفض أراضيه الزراعية إلى النصف في موسم 2021-2022 الشتائي، بحسب فرانس برس.
وأرجع عبدالله في تصريح لموقع "الحرة" أزمة المياه في العراق إلى "مشاكل مع الجارتين إيران وتركيا، باعتبارهما دولتي المنبع لنهري دجلة والفرات، واللتين لا تراعيان الحصص المائية للعراق".
وأشار عبدالله إلى أن هذه المشكلة ليست جديدة، فهي تعود إلى عقود ماضية، إذ لم "يكتسب هذا الملف أي أهمية لدى الكتل السياسية المختلفة، للتحرك بما يضمن حقوق البلاد المائية، وكان يتم التعامل مع الملف بشكل هامشي".
وقال إن العراق ليس لديه أي اتفاقية مع تركيا حول حقوقه المائية، ولكن هناك اتفاق قديم مع إيران يعود لعام 1975 يعرف باسم "اتفاقية الجزائر"، والذي يتضمن آليات للتفاوض حول الحصص المائية، ولكن الحكومات العراقية المتعاقبة لا تعترف به، ما يجعل طهران تهمله وتقوم بتحويل العديد من روافد الأنهر لداخل بلادها.
ووقع العراق وسوريا اللذان يتقاسمان نهري دجلة والفرات، على "الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للأنهر غير الملاحية العابرة للحدود لسنة 1997"، لكن الجارتين تركيا وإيران لم تفعلا الاتفاق.
وتحكم هذه الاتفاقية موارد المياه العابرة للحدود، لكن بضع عشرات من الدول فقط هي أطراف في الاتفاقية التي تنص على أن الدول ملزمة باحترام موارد المياه الخاصة بجيرانها وتقاسمها بشكل عادل.
واعتبر البنك الدولي أن غياب أي سياسات بشأن المياه قد يؤدي إلى فقدان العراق بحلول العام 2050 نسبة 20 في المئة من موارده المائية.
وكان مستشار وزارة الموارد المائية عون ذياب قد كشف في تصريحات سابقة لوكالة فرانس برس إن "بحيرة حمرين الواقعة في محافظة ديالى الحدودية مع إيران تشهد "انخفاضا عاليا بمنسوبات المياه".
وعزا ذياب هذا "الانخفاض الحاد" إلى " قلة الأمطار" فضلا عن أن "الجارة إيران اتخذت إجراءات بتغيير مجار وقطع بعض الأنهر وإنشاء سدود، كلها عوامل مؤثرة إضافية".
وقال مسؤول في وزارة البيئة العراقية، عيسى فياض لوكالة أسوشيتد برس إن "العراق يحتاج إلى المياه لحل مشكلة التصحر، لكننا أيضا نحتاج إلى المياه لتأمين الإمدادات الغذائية".
"تدويل الأزمة"
وحول تجريم أو تدويل الأزمة، قال نقيب الجيولوجيين "إن التدويل، مصطلح واسع، ولن يستطيع العراق تحويلها لقضية دولية، خاصة لعدم وجود حظور متميز لبغداد في منظمات الأمم المتحدة".
وأضاف أن المشكلة تتركز في "ضعف العراق في عرض قضية أزمة الموارد المائية، وارتباطها بدول الجوار، وحتى أنها لا تمتلك أي أدوات لإقناع دول الجوار للتقاضي أو للبت في هذه الخصومة لدى المؤسسات مثل محكمة العدل العليا".
ويلفت إلى أن "إصدار قانون لتجريم التعاون الاقتصادي مع إيران أو تركيا فيه شيء من المغالاة وعدم الواقعية، خاصة وأن هذا الأمر يتعلق بحركة البضائع والتجارة والتي ترتبط بالاقتصاد العراقي أيضا ولن تكون تداعياتها على اقتصادات الدول المجاورة فقط".
ودعا عبدالله السلطات العراقية إلى اعتبار أزمة المياه "ذات أولوية" على أعلى المستويات، وأن يشرف على إدارتها رئيس البلاد ورئيس الحكومة، مثلما تدار في الدول المجاورة.
وتطالب الحكومة العراقية باستمرار كلا من طهران وأنقرة بزيادة الحصة المائية للعراق من نهري دجلة والفرات، لكن الأزمة تتفاقم باستمرار.
وقال مدير الموارد المائية في محافظة النجف، شاكر فايز كاظم لوكالة فرانس برس "إن مستوى مياه نهر الفرات حاليا يمثل 30 في المئة مما كان عليه في الظروف الاعتيادية، داعيا إلى "حراك سياسي" لحث دول الجوار على إطلاق مياه أكثر.
وسجل البنك الدولي في عام 2021 انخفاضا بنسبة 18 في المئة في النشاط الزراعي في العراق، خصوصا بعد الجفاف الذي يتعرض له البلد.
المصدر: الحرة