تحليل: انخفاض الليرة يهدد ببقاء التضخم المرتفع في تركيا
إسطنبول-اقتصاد تركيا
تعاني تركيا من واحدة من أطول سلاسل انخفاضات الليرة منذ عقود، ما يحول دون كبح التضخم المستعر بالبلاد، فيما يحاول الفريق الاقتصادي الجديد في إدارة الرئيس رجب طيب أردوغان التخلص من السياسات غير التقليدية المستخدمة لدعم العملة.
رغم أن حرب البلاد على التضخم لم تتهاوَ بالكامل في ظل الانخفاضات الحادة التي شهدتها الليرة خلال الشهر الماضي، إلا أن تراجع قيمة العملة يؤدي إلى تفاقم الضغوط الناتجة عن ارتفاع الأسعار في الوقت الذي تمضي فيه الحكومة قدماً في تطبيق حزمة إجراءات تتضمن زيادة مؤقتة بنسبة 34% في الحد الأدنى للأجور. وفقدت الليرة نحو ربع قيمتها مقابل الدولار منذ إعادة انتخاب أردوغان الشهر الماضي.
انخفاض محدود في معدل التضخم
نتيجة لذلك؛ من المتوقع تباطؤ ارتفاع أسعار المستهلك بأقل وتيرة مسجلة منذ نوفمبر الماضي، مع إظهار البيانات -المقرر الإعلان عنها يوم الأربعاء- أن التضخم السنوي انخفض قليلاً إلى أقل من 39% في يونيو مقارنة بـ39.6% في الشهر السابق، حسبما تنبأ مسح أجرته بلومبرغ للمحللين.
كتب الاقتصاديون في بنك "غولدمان ساكس"، بمن فيهم باساك إيديزغيل في تقرير، أن "تأثير البيانات القوية للعام الماضي قوبل بانخفاض حاد في قيمة الليرة عقب الانتخابات. ورغم أن السياسة النقدية أصبحت أكثر تشدداً منذ الانتخابات، إلا أن الترجيحات تشير إلى أن استمرار الضعف في سوق العملات سيفاقم التضخم الأساسي مستقبلاً".
لن تكون مهمة تحقيق استقرار الأسعار سهلة على الفريق الاقتصادي الجديد في تركيا –المؤلف من اثنين من المصرفيين السابقين في وول ستريت- إذ يتوجب عليهم التخلص من سنوات من اللوائح المعقدة والسياسات غير التقليدية، التي هدفت إلى دعم الليرة عبر الاتكال على استنزاف احتياطيات المركزي.
ليس هذا وحسب، فتهديد الدخول في دوامة تضخم جديدة يضع ضغوطاً أكبر على كاهلي وزير المالية الجديد، محمد شيمشك، ومحافظة البنك المركزي حفيظة غايا أركان. وأشار كلاهما حتى الآن إلى أن العودة للسياسات النقدية الأكثر تقليدية سيكون تدريجياً، وسط سعيهما للتخلص من دعم الليرة، مع رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.
خلال الأشهر المقبلة، يتوقع المحللون تجاوز التضخم عتبة 40% مجدداً، مع استمرار ذلك المعدل خلال النصف الأول من 2024. وعدلت "بلومبرغ إيكونوميكس" توقعها لمعدل التضخم في نهاية العام إلى 47% بدلاً من 43%، ما يعني أن زيادة أسعار المستهلكين قد تتجاوز 9 أضعاف المستهدف الرسمي البالغ 5%.
كان خفض سعر الليرة بين الحلول الأولى التي طُرحت أثناء اجتماع البنك المركزي التركي لمراجعة أسعار الفائدة الشهر الماضي، وفقاً لمحضر الاجتماع، حيث أُثير موضوع خفض العملة بوصفه "الخطوة الأولى" الضرورية ضمن دورة تشديد السياسة النقدية.
كتب البنك المركزي في محضر الاجتماع، الذي نشر يوم الاثنين، أن قرار رفع سعر الفائدة الأساسي إلى 15% من 8.5% -وهي خطوة لم ترق إلى مستوى كثير من التوقعات- يهدف إلى "كبح التضخم في أقرب وقت ممكن".
المصدر: بلومبرغ