هل تستكمل تركيا رحلة العودة التدريجية إلى نهج الاقتصاد التقليدي؟
اسطنبول-اقتصاد تركيا
بعد التحرك لفترات طويلة عكس التيار، قرر البنك المركزي التركي البدء في عملية التشديد النقدي مع زيادة قوية في سعر الفائدة، فهل تعود تركيا أخيراً للسياسات الاقتصادية التقليدية؟
قرر البنك المركزي التركي اليوم رفع سعر الفائدة على الإقراض (الريبو لمدة أسبوع واحد) بمقدار 650 نقطة أساس، ليصبح 15%، في أول زيادة للفائدة منذ مارس 2021.
وطوال عامين تقريباً، وتحديداً منذ مارس 2021 وحتى فبراير 2023، اتبع المركزي التركي سياسات غير تقليدية بخفض الفائدة من مستوى 19% لتصبح 8.5% على الرغم من تسارع التضخم، قبل تثبيت الفائدة عند هذا المستوى حتى الشهر الماضي.
كيف استقبلت الأسواق قرار رفع الفائدة؟
كان القرار محبطاً بعض الشيء، إذ جاء أقل من توقعات بنوك الاستثمار التي كانت تشير لرفع الفائدة لـ40%، وأقل مما توقعه استطلاع "بلومبرغ" حيث رجح المحللون زيادة تكاليف الاقتراض إلى 20% أو أكثر، ليدل قرار الرفع على أن التحرك صوب السياسات التقليدية سيكون تدريجياً.
ورغم المكاسب الطفيفة التي حققتها الليرة مقابل الدولار قبل صدور قرار المركزي التركي، لكنها تحولت لخسائر قوية بعد رفع الفائدة بأقل من المتوقع، لتهوي إلى مستوى قياسي متدني جديد قرب 25 ليرة لكل دولار، كما عكست سندات تركيا الدولارية مكاسبها، في حين خيم اللون الأخضر على بورصة تركيا.
هل التحول التدريجي في سياسة تركيا سمة المرحلة؟
التحرك التدريجي حسب الحاجة، هو ما أكده بيان السياسة النقدية الصادر عن المركزي التركي بقيادة محافظته الجديدة، حفيظة غاية أركان، إذ أرجع البنك قرار التشديد النقدي لتحديد مسار كبح التضخم في أسرع وقت، وأن القرارات المستقبلية ستتم بطريقة تضمن تباطؤ التضخم صوب الهدف البالغ 5%.
ويبدو كذلك أن تفضيل الانتقال التدريجي بعيداً عن سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هي السمة الرئيسية للفريق الاقتصادي الجديد المعين بعد فوز "أردوغان" بجولة رئاسية جديدة أواخر مايو الماضي.
منذ اختياره لقيادة وزارة الخزانة التركية، شدد محمد شيمشك، الذي يشتهر بسياسات صديقة للسوق، على أنه سيتخذ خطوات تدريجية للتحول إلى سياسات اقتصادية تقليدية أكثر.
يذكر أن التدابير غير التقليدية التي صمم أردوغان على تطبيقها طوال السنوات الماضية، كانت المتهم الرئيسي وراء تسارع التضخم - يحوم حالياً حول 40%- في تركيا ونزوح أموال المستثمرين الأجانب.
المصدر: بلومبرغ الشرق