ماذا تعرف عن استثمارات الذهب في تركيا؟ خبير مختص يجيب

يعد الذهب أحد مدخلات الخزينة التركية الرئيسية

يعد الذهب أحد مدخلات الخزينة التركية الرئيسية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

إسطنبول-اقتصاد تركيا والعالم

يرتفع الطلب على الذهب التركي في السوق العالمية بسبب تنوعه واعتدال أسعاره وجودته المرتفعة

ويعد الذهب أحد مدخلات الخزينة التركية الرئيسية، وتقترب قيمته من نصف الاحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي في البلاد، في حين بلغت القدرة الإنتاجية للبلاد نظريا نحو 400 طن سنويا.

والإنتاجية هنا تشمل المستخرج من الأرض والخام المستورد من الخارج الذي يتم تصنيعه داخليا.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في يناير/كانون الثاني الماضي أن بلاده تعتزم رفع إنتاجها الفعلي من الذهب إلى 100 طن سنويا في غصون السنوات الخمس المقبلة، كما أعلنت إحدى الشركات قبل شهر من ذلك أنها اكتشفت كمية من الذهب تقدّر بـ3.5 ملايين أونصة، وبقيمة 6 مليارات دولار.

وتركيا واحدة من الأسواق الخمس الكبرى عالميا، حيث يوفر قطاع الذهب فرص عمل لنحو 250 ألف شخص يعملون في 18 منجما لاستخراج الذهب الخام، وأكثر من 50 شركة كبرى.

وخلال عام 2020، بلغت قيمة الذهب الذي استوردته تركيا 26.6 مليار دولار، احتلت به المرتبة العاشرة عالميا بين المستوردين، في حين بلغ متوسط الطلب السنوي على الذهب داخلها نحو 160 طنًا خلال 25 سنة الأخيرة، في حين بلغت موجودات البنك المركزي التركي ذروتها عند 606.6 أطنان خلال أغسطس/آب الماضي، قبل أن تتراجع لاحقا.

الجزيرة نت حاورت الخبير الاقتصادي التركي والعضو المؤسس في شركة "إنتل كت" (ıntelkıt) التركية للبيانات تان هاسكول حول أهم المعطيات المتعلقة بالذهب التركي وسوقه واستثماراته.

•         كيف تقيمون إنتاج الذهب في تركيا من ناحية الكم والنوع والترتيب العالمي؟

تختلف صناعة الذهب بطبيعتها عن صناعة الأنواع الأخرى من المواد، والفرق الرئيسي يكمن في ارتفاع القيمة الادخارية لمنتج الذهب الخام على حساب عملية التصنيع أو ما تعرف "بالمصنعية"، وهذا بعكس بقية المعادن.

فمثلا تبلغ قيمة سبيكة الألمنيوم ذات 10 أونصات في السوق نحو ألفي دولار، لكن ثمنها بعد المعالجة والتصنيع يصبح 2800 دولار، وهذا يعني أن سعر التصنيع يرفع سعر الخام بأكثر من 28%.

لكن في حالة الذهب يكون الوضع مختلفا، إذ يبلغ سعر سبيكة من 10 أونصات من الذهب نحو 18 ألفا و222 دولارا، كما لا يمكن أن يتجاوز ثمن إسوارة مصنعة من 10 أونصات من الذهب الخالص 20 ألف دولار، وبالتالي لا تصل قيمة المصنعية هنا إلى 10%.

لتلك الأسباب، فإن تحليل البيانات النوعية التي تقدمها الجهات الخارجية لا تقدم تقييما دقيقا عن واقع صناعة الذهب في تركيا بعكس التحليل الكمي الذي يعطي نتائج حقيقية.

وبالعودة إلى موضوع الإنتاج، فالمدهش أن صناعة الذهب في تركيا حديثة، حيث بدأت البلاد إنتاج الذهب المستخرج عام 2002 وبمقدار 3 أطنان، وازداد الإنتاج بشكل مضطرد ليصبح بعد 10 سنوات فقط 30 طنا، واستمر إنتاج الذهب ولم يتأثر بالجائحة كورونا، حتى وصل الإنتاج عام 2020 إلى 42 طنا بقيمة 2.4 مليار دولار، وهذا يضع تركيا في المرتبة الواقعة بين 22 و26 عالميا، وهذه نسبة متصاعدة سنويا.

•         بالحديث عن الاستيراد، ما مكانة تركيا كمستورد للذهب من حيث الكمية والنوع والترتيب العالمي؟

تركيا مستورد كبير للذهب، والطلب الداخلي أو المحلي كبير جدًّا والزيادة في الإنتاج ما زالت عاجزة عن تلبية الطلب، ويرجع ذلك لعدة أسباب، أهمها استمرار النمو الاقتصادي وأدائه القوي رغم الجائحة، مقابل التذبذب والتحرك الكبير في سعر العملة المحلية الليرة، الأمر الذي رفع الطلب على الذهب ورفع استيراده كمادة ادخارية.

وتستورد تركيا سنويا من الذهب ما يتجاوز 20 مليار دولار، وإذا استثنينا منها مشتريات البنك المركزي نجد أن أكثر من 60% من الذهب المستورد يغطي الطلب المحلي.

ومن المهم أن ندرك أن تخزين الذهب كمدخرات ليس من المعتقدات في الثقافة التركية كما هي الحال في بعض البلدان كالهند مثلا، لكنه في السنوات الأخيرة اتخذ طابعا مرتبطا بالشعور الوطني لدى الأتراك.

فإحجام الناس عن الادخار بالليرة التركية بسبب تذبذب قيمتها وضعهم أمام خيارين: الادخار بالعملة الأجنبية أو الذهب، وقد اختاروا الخيار الثاني تجنبا لتعزيز الدولار بعد فرض واشنطن وحلفائها عقوبات على تركيا.

وغرد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2017 حول هذا الأمر خلال الأزمة المالية التي حاولت واشنطن وحلفاؤها من خلالها التلاعب بالعملة التركية.

أيضًا لا ننسى أن سياسة البنك المركزي التركي تحفز شراء الذهب، حيث قرر البنك زيادة المخزون وشراء كل الذهب المنتج في تركيا، وهو ما جعله المشتري الأكبر للذهب عام 2020 بين البنوك المركزية في العالم، وزاد مخزونه بمقدار 134.5 طنًا من الذهب، أي ما يعادل 7.5 مليارات دولار.

•         ما الدول الرئيسية التي تستورد منها تركيا الذهب؟

ترتيب الدول المستوردة يكون خادعًا قليلا عند الحديث عن الذهب، لأن تجارة الذهب المباشرة ليست ثابتة، بل تتغير قيمة المستوردات من هذا المعدن من عام إلى آخر، وأحيانا هناك استيراد بهدف التصدير. وأكثر الدول التي تستورد منها تركيا الذهب على التوالي: سويسرا التي وفرت 50% من الطلب على الذهب في تركيا لمدة 3 سنوات بحجم 167 طنا سنويًّا، ثم الإمارات العربية المتحدة التي تورد 111 طنا سنويا، وأستراليا بـ20 طنا، وجنوب أفريقيا بـ13 طنا، وألمانيا بـ11 طنا.

•         في شأن التصدير، ما الأسواق العالمية التي تصدر لها تركيا الذهب؟ وكم تبلغ كمية الصادرات وقيمتها؟

تركيا في المرتبة 17 بين أكبر الدول المصدرة للذهب، بقيمة 5 مليارات دولار سنويا، وأكبر المستوردين من تركيا الإمارات العربية المتحدة وبريطانيا اللتان تحصلان معا على ما معدله 50% من الصادرات التركية، ثم الولايات المتحدة وهونغ كونغ وسويسرا.

ومن المهم هنا أن ندرك أن تركيا تبيع الذهب خارجيا على شكل مجوهرات مصنعة، ولا تبيعه خامات أو سبائك أو ودائع، حيث يرتفع الطلب على الذهب التركي في السوق العالمي بسبب تنوعه واعتدال أسعاره وجودته المرتفعة.

•         كم يبلغ مخزون الذهب في تركيا وبنكها المركزي كمًّا ونوعًا وترتيبًا عالميًّا؟

من المستحيل قياس إجمالي مخزون شركات الذهب بدقة، لكن إحصاءات احتياطي البنك المركزي تعطي فكرة عن المخزون، حيث ارتفعت موجودات مخازن البنك من 116 طنا إلى 561 طنًا خلال السنوات الأربع الأخيرة فقط، ليحتل المرتبة 28 بين البنوك العالمية، لكنه صعد عام 2021 إلى المرتبة 11 بعدما حاز المرتبة الأولى بين البنوك المركزية الأكثر شراء للذهب، وزاد اعتماده على احتياطات الذهب على حساب الدولار بعد المخاوف من آثار عقوبات قانون "كاتسا" الأميركية الأخيرة على تركيا.

•         ما حجم أنشطة الشركات العاملة في مجال الذهب في تركيا؟

النشاط الأساسي في إنتاج الذهب بتركيا هو للشركات المحلية، التي أنتجت 42 طنا عام 2020، وأكبر هذه الشركات على التوالي: "كوزا" (Koza Altın)، وبلغ إنتاجها العام الماضي 4 أطنان من الذهب، ثم "توبرا" (Tüprag) التي أنتجت 3 أطنان.

وهناك شركات أخرى مثل "دمير إكسبورت" (Demirexport) و"بومزا" (Pomza) و"غوبرتاش" (Gübretaş).

وسوق إنتاج الذهب في تركيا مفتوح وليس احتكاريا، وإنتاج الشركات فيه متقارب.

•         ما المشاريع والتطلعات المستقبلية في هذا المجال؟

صناعة الذهب في تركيا لا زالت ناشئة، ودراسات هذا القطاع ما زالت مبتدئة، وأول مستويات التخطيط التركي هو تغطية الطلب المحلي المتزايد.

وكلنا نعلم أن وزير الطاقة التركي فاتح سونميز كان أعلن أن تركيا اكتشفت 400 طن من احتياطات الذهب القابلة للإنتاج، إضافة إلى اكتشاف 100 طن من احتياطي الذهب في حقول شركة غوبرتاش، بينها 65 طنا مؤكدة الاستخراج.

•         كخبراء في مجال الاستثمار، ما توصياتكم ونصائحكم للمهتمين بالاستثمار في مجال الذهب بتركيا؟

القوى العاملة الرخيصة والطلب اللامتناهي والاحتياطات الجديدة؛ تجعل البلاد جنة لإنتاج الذهب هذه الأيام، ونعتقد أن هذا الوضع سيستمر 10 سنوات على الأقل، لذلك فإنني أنصح المستثمرين بالتركيز على إنتاج المواد الخام أكثر من إنتاج المجوهرات.

أما ما يتعلق بالسوق، فيوجد في إسطنبول وحدها حرفيون كبار وشركات عريقة في مجال المجوهرات وليس من السهل التنافس معهم من خلال نطاق رأس المال الذي لا يعطي أي ميزة للمستثمرين الأجانب عندما يتعلق الأمر بمنافسة المجوهرات.

أما في مجال إنتاج المواد الخام، فالعكس هو الصحيح؛ إذ إن هذا القطاع قابل للتطوير وحجم رأس المال يمنح مزايا كبيرة في المنافسة، ومن الواضح أن تركيا ما زالت ضعيفة في مجال البنية التحتية الرأسمالية ونظام بيئة خامات الذهب، ويمكن للمستثمرين الأجانب الاستفادة من هذه الميزة من خلال الشراء المباشر في التراخيص، ويمكنهم توسيع الشركات المحلية كمستثمرين أقلية أو استهداف سيطرة رئيسية في مجالس إدارتها وأسهمها.

المصدر: الجزيرة نت

×