كورونا يفرض مراسم زواج خاصة في غزة

الفلسطيني أحمد الصالحي وعروسه شيماء قررا إتمام الزفاف دون مراسم احتفالية عامة-الألمانية

الفلسطيني أحمد الصالحي وعروسه شيماء قررا إتمام الزفاف دون مراسم احتفالية عامة-الألمانية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

غزة-اقتصاد تركيا والعالم
استعد الفلسطيني أحمد الصالحي وعروسه شيماء من غزة لمراسم زفافهما ليخرج بأبهى صورة عند حلول موعد العرس المحدد، غير أن انتشار فيروس كورونا في القطاع وما رافقه من إجراءات أمنية وصحية عطّل كل شيء.

وقرر العروسان التخلي عن مخططاتهما وإتمام الزفاف في الموعد المحدد، لكن من دون مراسم احتفالية عامة في ظل الإجراءات الحكومية المشددة الهادفة لمكافحة انتشار الفيروس.

وقال الصالحي الذي ظل ساعتين برفقة أفراد من الشرطة أمام مدخل مخيم المغازي وسط القطاع بانتظار وصول عروسه من أجل إتمام مراسم زفافهما "كل مخططاتنا وتحضيراتنا تم إلغاؤها".

زفة بسيارات الشرطة

ووصف ما جرى بأنه أشبه بحدث نادر له مع بداية حياة اجتماعية جديدة. وسارت مركبة العروسين مع حلول الظلام وأمامها وخلفها مجموعة من سيارات الشرطة تطلق أبواقها للاحتفاء بهما.

عندما وصلا إلى المنزل قفز الصالحي الذي كان يرتدي بزة عسكرية وعروسه فستانا أبيض، وكلاهما يرتدي كمامة واقية، وسط تصفيق أفراد الشرطة واحتفال أسرتيهما وجيرانهما.

وقطاع غزة الذي يقطنه حوالي مليوني شخص وسط أزمات معيشية وإنسانية وصحية من جراء الحصار المفروض من قبل إسرائيل منذ 13 عامًا، لم يسجل إصابات محلية بفيروس كورونا المستجد على مدار الأشهر الأولى من انتشار الفيروس عالميا.

في ذلك الوقت تقدم الصالحي لخطبة عروسه شيماء، لكنه لم يستطِع تنظيم احتفال بهذه المناسبة بفعل سلسلة الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأمنية آنذاك، والتي تضمنت إغلاق قاعات الأفراح والمطاعم والمقاهي والصالات الرياضية وتعليق صلاة الجمعة حتى إشعار آخر، إثر الكشف عن وصول أول حالتي إصابة بفيروس كورونا من مصر إلى قطاع غزة في مارس/آذار الماضي.

يقول الصالحي خلال مقابلة داخل منزله بعد أسبوعين على زفافه، "اتفقت مع خطيبتي وعائلتها على إقامة حفل على مدار أيام قبل نهاية الصيف، وعندما اقترب الموعد المحدد تعطلت الحياة هنا".

زفاف دون احتفال

ووفق الصالحي، ظلَّ اتفاق الزفاف ساريا لكن مظاهر الاحتفال والابتهاج تم إلغاؤها، إذ اتصل العريس بمركز شرطة المخيم وطلب تسهيل وصول عروسه إلى منزله الجديد، والأمر نفسه فعله والد شيماء، حيث نقلت العروس من منزلها في مخيم دير البلح وسط القطاع بمركبة مدنية مؤمنة بعدد من مركبات الشرطة الفلسطينية.

ورغم أن الصالحي موظف مدني في مؤسسة دولية، فإنه زف ببزة عسكرية، وعن ذلك قال "كل شيء تغير في لحظة واحدة.. شعرت في البداية أنني في طريقي لأصبح عسكريا وليس عريسا يزف إلى عروسه".

ومع مرور الوقت لجأ الشباب في قطاع غزة إلى تنظيم أفراحهم وسط حضور محدود من المدعوين داخل صالات المنازل أو على الأسطح، وهو مشهد يعيد إلى الذاكرة حفلات الزفاف التي دأب على تنظيمها الفلسطينيون في العقد الثامن من القرن الماضي، إذ لم تكن قاعات الأفراح منتشرة كما هي اليوم.

تنسيق مع الشرطة

فمثلا جرت مراسم زفاف محمد حمدي "29 عاما" على عروسه ملك جواد "21 عاما" من مخيم رفح جنوب القطاع داخل فناء منزله منتصف هذا الشهر، بعد تنسيق مسبق مع جهاز الشرطة بالمدينة.

احتفل عدد محدود من أقرباء حمدي وأصدقائه لبعض الوقت داخل الفناء الذي زين على عجل ووضعت في مقدمته "منصة العرسان"، لكن فرحة العروسين ظلت منقوصة، وفق ما قالا.

تعهد حمدي قبل تنظيم الحفل الضيق لعروسه وعائلته بأن يعيد تنظيم فرحه من جديد عند استئناف الحياة في غزة.

وقال والد العريس "الفرح في القلب"، والأهم هو الحفاظ على صحة وحياة الناس في مثل هذه الظروف الصعبة والمعقدة مع تفشي فيروس كورونا محليا في القطاع الساحلي.

وحرصت أسرة حمدي على وضع مواد معقمة ولافتات في مدخل المنزل تطالب الحضور بالاكتفاء بالتهنئة من دون مصافحة أو تقبيل.

وقال والد العريس إن عددا محدودا من الأقارب والأصدقاء استجابوا لدعوة الفرح حتى أن "بعض شقيقاتي وأشقائي تغيبوا بفعل قرار حظر التجول، والحمد الله الأمور انتهت بسلام".

كانت السلطات الحكومية في غزة طبقت قرار حظر التجول وفصل محافظات القطاع الخمس عن بعضها، منذ تسجيل اكتشاف أول 4 إصابات مؤكدة في صفوف عائلة من مخيم المغازي وسط القطاع يوم 25 أغسطس/آب الماضي، واتخاذها تدابير أمنية مشددة بينها إغلاق مخيمات للاجئين وعزلها بالكامل وإغلاق طرق داخل المدن بسواتر ترابية.

رغم ذلك قررت السلطات في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ 13 عاما، استئناف العمل جزئيا داخل المحاكم الشرعية بعد أقل من 10 أيام من اتخاذ قرار تطبيق حظر التجول.

حدث نادر

وفي اليوم الأول لعودة المحاكم في 7 سبتمبر/أيلول الجاري تم عقد 110 عقود زواج، وفق رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في قطاع غزة، حسن الجوجو.

وقال الجوجو "إن استئناف عمل المحاكم الشرعية رغم تفشي جائحة كورونا محليا جاء بناء على مقتضيات المصلحة العامة"، موضحا أنه منذ بدء قرار تطبيق الحظر تم تلقي حوالي 500 اتصال من الأهالي الذين لديهم أبناء خاطبون.

وأضاف "تقرر اشتراط أن يكون الخاطبان من المحافظة نفسها، لمنع حدوث اختلاط وتنقل بين المحافظات في ظل إجراءات السلطات المحلية لمواجهة انتشار الفيروس".

وتدعم حماس زواج الشباب، إذ دعمت قطاعا واسعًا منهم بالمال عبر تنظيم أفراح زفاف جماعية خلال السنوات الماضية، والآن تقدم قروضا بلا فوائد عبر سلطاتها لحوالي ألف شاب كل عام.

وبالنسبة لبعض العرسان من أمثال الصالحي فإن حفل زفافه سيبقى أشبه بحدث نادر، سيرويه لأبنائه وأحفاده، وردد ممازحا زوجته، "إذا أرادت (عروسه) حفل زفاف عندما تعود الحياة من جديد، فسألبي طلبها على الفور".

المصدر: وكالة الأنباء الألمانية

×