أسنيورت.. حي في اسطنبول يستنسخ احياء من القاهرة ودمشق

أسنيورت الواقع في الشطر الأوروبي لإسطنبول بات يلقب بالحي العربي المهاجر الأكبر في العالم - الجزيرة نت

أسنيورت الواقع في الشطر الأوروبي لإسطنبول بات يلقب بالحي العربي المهاجر الأكبر في العالم - الجزيرة نت

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

اسطنبول – اقتصاد تركيا والعالم

دخولك كزائر إلى حي أو منطقة أسنيورت في إسطنبول قد يوفر عليك رحلات كثيرة ومسافات سفر طويلة لتبلغ المقاصد الموجودة في هذا المكان.

فقد يخطر على بالك أن تتذوق أقراص الفلافل الشهية من مطعم "فلافل غزة" الشهير، بعدها يمكنك تناول البوظة العربية بالفستق من "بوظة أمية" أو قطعة كنافة نابلسية من حلويات "الشهبندر".

وأنت في المكان نفسه قد تجذبك رائحة الفروج المشوي المنبعثة من مطعم "علفحم" المجاور، أو قد يخطر على بالك أن تذهب أبعد من ذلك أي إلى الشارع الآخر لتناول الكسكسي من مطعم "المغرب العربي" المفتتح حديثا، ولو امتلكت الوقت قد تأخذ حماما مغربيا أيضا في المنطقة ذاتها.

وكل هذه الأجواء مترافقة مع سماع أغان عربية من هنا أو هناك، وعبارات الترحيب بالعربية "أهلا وسهلا، تفضل" تتلقفك كلمّا تلفت حولك.

وخلال جولتك القصيرة التي تستمتع بها مشيا على الأقدام، ستعرج على محل "الهرم" للحوالات المالية وتمر من أمام "مركز الصفا الطبي" لتصل إلى "شارع الذهب" الذي تنتشر فيه محلات الصاغة السوريين والعرب يعرضون على واجهاتها مشغولاتهم اليدوية المميزة.

وبعد إشباع عينيك ومعدتك من كل ما لذ وطاب، وإطفاء شوقك ولو قليلا لرؤية بيئة مشابهة للتي عشت فيها، لن تجد فرصة أفضل لشراء حاجياتك من ألبان وأجبان وبهارات وتمور عربية قبل أن تغادر الحي.

واحد مقابل عشرة

الجولة السابقة كلها في نطاق شارعين أو ثلاثة من محيط الميدان الرئيسي في أسنيورت، والذي بات مركزه لا يختلف كثيرا عن أي حي شعبي في دمشق أو القاهرة أو الرباط حيث تجد في كل واحد من الشوارع المحيطة بالميدان محلا تركيا واحدا من بين كل ١٠ محلات عربية.

أسنيورت الواقع في الشطر الأوروبي لإسطنبول بات يلقب بالحي العربي المهاجر الأكبر في العالم وفق أحد الباحثين الأتراك، حيث يضم اليوم أكثر من ربع مليون لاجئ سوري وعربي تجمعوا فيه خلال السنوات العشر الماضية وكونوا مجتمعهم الخاص والفريد.

"كنت أشعر أن المنطقة حزينة أما اليوم باتت أكثر بهجة وكأنها تشهد مهرجانا يوميا.. حركة دائمة منذ الصباح الباكر حتى ساعة متأخرة من المساء" هكذا وصف المواطن التركي سردار جوشكن حال حي أسنيورت قبل 10 سنوات واليوم.

يقول جوشكن إن أسنيورت حي شعبي وقديم في إسطنبول إلا أنه مختلف اليوم تماما عما كان عليه قبل ١٠ سنوات حيث بات يضم جنسيات مختلفة، وتضاعف عدد سكانه تقريبا خلال تلك الفترة، كما شهد ازدهارا اقتصاديا كبيرا حيث افتتحت محال جديدة وباتت المنطقة مطلوبة للسكن والعمل بعد أن كان معظم سكانها يعملون في مناطق أخرى.

بدوره يقول محمد أبو عبد الله مدير مطعم "أبو عبدو" للوجبات السريعة للجزيرة نت "افتتحنا المطعم قبل أكثر من ٦ سنوات، وكان هنالك عدد قليل من المحال والمطاعم السورية والعربية بمحيط ميدان أسنيورت، أما اليوم فبات معظم المحال أصحابها من السوريين والعرب، وهي تتزايد يوما بعد يوم".

أما الشاب السوري محمد ربيع فقال "عندما قدمت إلى أسنيورت عام ٢٠١٢ كنت أعاني من الغربة بعيدا عن بلدي، إلا أني ألفت المكان عاما بعد عام، فقد تغيرت المنطقة حتى أصبحت اليوم لا تختلف كثيرا عن منطقة الميدان القديمة أو الصالحية بدمشق".

من جانبه تحدث الشاب المصري أحمد غنيم للجزيرة نت عن تجربته فقال "قدمت قبل ٤ أعوام بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية هناك، أسكن وأعمل منذ قدومي في أسنيورت، ويوما بعد يوم بدأت أتعلق أكثر بهذا المكان فهو يذكرني بأحياء ٦ أكتوبر بالقاهرة حيث كنت أسكن، وكانت أيضا مزدهرة بالمحال السورية والعربية وتشعر أنها تنبض بالحياة".

أكبر من ٥٦ مدينة

كمال دنيز بوزكورت رئيس بلدية أسنيورت، قال إن هذه المقاطعة باتت من أكثر المقاطعات اكتظاظا بالسكان ليس في إسطنبول وحسب وإنما في عموم تركيا.

وأشار بوزكورت في تصريحات مؤخرا إلى أن عدد سكان أسنيورت البالغ 1.2 مليون شخص بات يفوق ٥٦ مدينة في تركيا يقل عدد سكان كل منها عن هذا الرقم.

ولفت إلى أن عدد السوريين واللاجئين بلغ بالمقاطعة أكثر من ٢٠٠ ألف شخص

في حين قال نزار الخراط رئيس الجالية السورية بإسطنبول إن الرقم الحقيقي لعدد السوريين بأسنيورت أكبر من الرقم المذكور، إلا أنه لا أحد يمتلك أرقاما دقيقة كون عدد كبير من السوريين مسجلين ضمن بند الحماية المؤقتة بولايات أخرى، ويسكنون إسطنبول كون فرص العمل فيها أكبر من باقي الولايات.

ولفت في تصريح للجزيرة نت إلى أن عدد السوريين في إسطنبول وحدها يبلغ حوالي ٧٠٠ ألف شخص (من أصل 3.5 ملايين بعموم تركيا) وقسم كبير منهم يعيش في أسنيورت.

ولفت إلى أن السوريين في أسنيورت نجحوا بتغيير صورة المنطقة من إحدى الضواحي البعيدة نسبيا عن وسط إسطنبول إلى مكان مرغوب للاستثمار والسكن به، حتى من قبل أبناء باقي الجاليات العربية الأخرى.

يقول الباحث التركي مجيد قدير، المتخصص بالشأن العربي، إن أسنيورت بات يستحق لقب أكبر تجمع عربي مهاجر فيالعالم،  فهو يضم أكثر من ربع مليون لاجئ ومهاجر على الأقل.

وأضاف للجزيرة نت أن هذا الرقم يزيد بكثير مثلا عن عدد سكان حي مولنبيك الشعبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، والذي لا يتجاوز ١٠٠ ألف معظمهم من المهاجرين من ذوي الأصول العربية خاصة المغرب العربي.

وأشار الباحث إلى أن ميزة هذا الحي عن باقي "الأحياء المهاجرة" بالعالم أنه يضم لاجئين ومهاجرين من بلدانهم بسبب الظروف السياسية أو الاقتصادية أو الحروب، ولا يحملون جنسية البلد المضيف حتى الآن على عكس الأحياء المشابهة بأوروبا أو خارجها التي فيها مهاجرون منذ عشرات السنين باتوا مواطنين في البلد المضيف.

المصدر : الجزيرة نت

×