يوم في اسنيورت.. تكساس اسطنبول!
ترجمة اقتصاد تركيا
سلط تقرير إعلامي تركي حديث، الضوء على الأوضاع الأمنية في منطقة إسنيورت بمدينة إسطنبول بعد وقوع جريمة مروعة في متجر لبيع الخمور أثارت مخاوف الرأي العام، وأشعلت التحذيرات من زيادة معدلات الجريمة في الفترة الأخيرة.
وقضى شابان تركيان بهذه الجريمة بطريقة مأساوية، مما أثار موجة من عدم الارتياح في أروقة الحي. ووفقًا للتقرير المستند إلى آراء مواطنين أتراك، ربطوا الارتفاع الملحوظ في معدلات الجريمة جزئيًا إلى تدفق متزايد للمهاجرين نحو المنطقة.
تعد إسنيورت من أكبر المناطق في إسطنبول وتركيا من حيث عدد السكان. بينما تظهر الإحصائيات الرسمية أن عدد السكان يبلغ 983,571 نسمة في العام 2022، يُعتقد أن العدد الفعلي قد يتجاوز بكثير هذا الرقم نظرًا للسكان غير المسجلين.
وفقًا للتقرير الذي أعدته صحيفة Haberler، تشهد المنطقة بشكل متكرر حوادث جريمة متنوعة، وهو ما يرتبط بشكل جزئي بتواجد مهاجرين غير شرعيين، وزيادة تأجير الشقق بشكل يومي، فضلاً عن الأنشطة المتعلقة بالجريمة المنظمة وتجارة المخدرات.
وأفاد التقرير أن القلق والتوتر يسودان وجوه السكان في إسنيورت، إذ يشهدون تطورات غير مطمئنة تؤثر في حياتهم اليومية، من جرائم قتل بشعة إلى أحداث مروعة مثل مجزرة متجر الخمور. ولا يختلف الواقع الحالي كثيرًا عن بعض المناطق المعقدة في تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية.
لا علاقة للسوريين بها.. الكشف عن طرفي جريمة مروعة هزت إسطنبول
وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الوافدين إلى إسنيورت هم من الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث أصبحت تجمعاتهم واضحة خلال فترة جائحة كورونا، ويشهد الحي تفاقمًا مقلقًا في أعداد حالات السرقة، وتجارة المخدرات، وحوادث الجروح بواسطة الأسلحة النارية، وجرائم القتل، والاحتيال.
تشتهر إسنيورت كموطن لأشخاص من أكثر من 57 مقاطعة في تركيا، مما يضفي عليها طابعًا متعدد الأوجه من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.
وتبرز في المنطقة تعدد البنية العمرانية للمنطقة من خلال تنوع المباني، حيث تتراوح من المباني الضخمة إلى الأحياء ذات الوضع الاقتصادي المتدني، وهذا يعكس تنوع الطبقات الاجتماعية والظروف المعيشية في المنطقة.
بالرغم من أن مدينة إسنيورت تم تأسيسها كمدينة في عام 1989 بهدف استيعاب نصف مليون نسمة، إلا أن الأعداد قفزت بشكل مذهل عبر الزمن نتيجة للزيادة المتسارعة في عدد السكان. وتمت دمجها مع منطقة كيراج في عام 2008، حيث حصلت على مكانة مقاطعة.
وفقًا لبيانات شرطة إسطنبول لعام 2021، تم تسجيل 326 حادثة قتل في هذه المنطقة، وهي تمثل الأعلى في الإحصائيات بين مناطق إسطنبول، مما يعكس التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة.
ونقل التقرير عن وكيل عقارات إشارته إلى أن معدلات الجريمة تتسبب في تأثير سلبي على قطاع العقارات في المنطقة، حيث ينخفض الإقبال من الأفراد القادمين من الخارج للاستثمار فيها. كما أوضح أن قيمة العقارات تزداد ببطء نتيجة للأوضاع الأمنية الحالية.
توجَّه فريق إعداد التقرير إلى ساحة جمهورييت، حيث يتواجد نقطة تفتيش للشرطة، وسيارة تابعة لإدارة الهجرة الإقليمية. يتم في البداية التحقق من جوازات السفر وبطاقات الهوية للأفراد الذين يبدون بمظهر مشبوه.
وبحسب ما ورد في التقرير، إذا اُعتُبرَ هؤلاء الأشخاص مهاجرين غير شرعيين، تُجرى لهم السلطات فحوصات بصمات الأصابع وفحوصات صحية، بالإضافة إلى استعلام قواعد نظام المعلومات القانونية المتكاملة. وبعد اتخاذ الإجراءات اللازمة، تُربط أيدي المهاجرين غير الشرعيين ببعضهم البعض، ومن ثم نقلهم في سيارات الشرطة إلى مركز للترحيل في توزلا.
وتابع: "عندما نمضي وقتًا في ساحة ميدان إسنيورت، يصبح واضحًا أنها تجمع ثقافات وجنسيات متعددة، حيث يمكن رؤية أشخاص من 101 جنسية مختلفة وفقًا للسجلات الرسمية. تجلب الساحة مشهدًا متنوعًا من الناس الذين يتبادلون الأفكار والتجارب. يقوم مجموعة من المصورين، يرتدون قبعات رعاة البقر، بالتقاط صور للزوار مقابل مبلغ مالي قدره 15 ليرة تركية".
وكان هؤلاء المصورون يعتبرون في السابق مخاطر الخروج في إسنيورت في النهار والليل عالية، ولكن مؤخرًا تحسنت الأمور وزادت مستويات الأمان مما جعلهم يشعرون بالارتياح أكثر. على الرغم من الهدوء في ساعات النهار الذي تشهده الساحة، إلا أنه يحدث مشاكل واشتباكات من حين لآخر خلال الليل. يمكن أن تكون الليالي مليئة بالتوتر والمشاكل، وهذا يظهر كجزء من الواقع المعاش في المنطقة.
وأورد التقرير بأن هناك العديد من اللافتات باللغة التركية تعكس البيئة المحلية والثقافة المهيمنة في المنطقة. وقال أحد أصحاب محلات الشاورما الأجانب، وهو من الأشخاص الذين قضوا تسع سنوات في تركيا، إنه على الرغم من هذه المدة الطويلة، لا يزال يعاني من صعوبة في التحدث باللغة التركية. وعندما سئل عن السبب الذي منعه من تعلم اللغة خلال هذه الفترة، أجاب ببساطة "لا أعرف".
ومن جهته، أعرب أحد الخبازين الاتراك بالمنطقة عن أسفه لاقتصار أفراد من مناطق الشرق الأوسط في الحي على شراء حاجياتهم من محلات أصحابهم فقط. ولوح بيده إلى بنايات ضخمة تتألف من عشرة طوابق في الجهة المقابلة من الشارع، مما أظهر الفوارق الواضحة في الظروف المعيشية بين سكان الحي.
وفي حي باليك يولو، يصبح واضحًا للعيان أن هناك تنوّعًا واضحًا في مستويات الفقر. يعيش هناك عمّال جمع النفايات والمشغلون في مجال إعادة التدوير، ويتجلى الفقر بشكل واضح في كل جانب من جوانب الحي، بحسب التقرير الذي نبه إلى أن التصوير في هذا الحي قد يمثل تحديًا بالنظر إلى الظروف القاسية والصعوبات التي تواجهها المنطقة.