أموال الأثرياء الروس تتدفق إلى تركيا ودبي
إسطنبول-اقتصاد تركيا
تتدفق أموال الأثرياء الروس على قطاع العقارات في تركيا والإمارات العربية المتحدة بحثا عن ملاذ آمن في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا والعقوبات الغربية، وفقا للعديد من شركات العقارات.
وقال جول جول المؤسس المشارك لشركة جولدن ساين العقارية في إسطنبول “نبيع سبعا إلى ثماني وحدات إلى الروس كل يوم… هم يشترون نقدا ويفتحون حسابات مصرفية في تركيا أو يجلبون الذهب”.
وفي دبي، عيّن ثياجو كالداس الرئيس التنفيذي لشركة مودرن ليفينج للعقارت ثلاثة وكلاء يتحدثون الروسية لتلبية الاهتمام الروسي الذي يقول إنه تضاعف عشر مرات.
تتضمن العقوبات المفروضة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير شباط استبعاد روسيا من نظام سويفت المصرفي واستهداف أفراد من رجال الأعمال الأثرياء الذين ينظر إليهم على أنهم مقربون من الرئيس فلاديمير بوتين.
أغنى أثرياء روسيا يخسرون 39 مليار دولار في يومٍ واحد
وبينما انتقدت تركيا والإمارات الهجوم الروسي، تعارض أنقرة العقوبات التي لم تفرضها الأمم المتحدة على روسيا. وللبلدين كليهما علاقات جيدة نسبيا مع موسكو وما زالا يُسيّران رحلات جوية مباشرة، وهو ما يوفر سبلا لخروج الروس وأموالهم.
وقال جول، من جولدن ساين، وهي واحدة من بين نحو عشر شركات عقارية أجرت رويترز مقابلات معها، “إنهم روس أثرياء لكن ليسوا من المقربين لبوتين… إنهم يجدون سبلا لجلب أموالهم إلى تركيا”.
وأضاف قائلا “هناك عملاء يشترون من ثلاث إلى خمس شقق سكنية”.
والروس منذ سنوات من كبار المشترين للعقارات في تركيا، بعد الإيرانيين والعراقيين. لكن العاملين في قطاع العقارات قالوا إن الأسابيع الماضية شهدت ارتفاعا حادا في الطلب.
ورغم أن الوقت لا يزال مبكرا، فقد امتلأت الحسابات البنكية لكبار المستثمرين في قطاع العقارات. وفي فبراير شباط، مع احتشاد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية وقبل أن تتقدم، اشترى الروس 509 منازل في تركيا، وهو ما يقرب من ضعفي العدد الذي اشتروه العام الماضي، وفقا لمكتب الإحصاءات في البلاد.
كانت هذه البيانات قبل فرض العقوبات الغربية. وقال وكلاء عقاريون إنهم يتوقعون أن تستمر هذه الأعداد في الارتفاع، مما يؤدي إلى زيادة في الطلب الذي ارتفع بالفعل مع خروج العالم من جائحة كوفيد-19.
وقال إبراهيم باباجان، الذي تقوم شركته في إسطنبول ببناء وبيع العقارات بشكل أساسي إلى مشترين أجانب في تركيا، إن العديد من الروس أرادوا في الماضي العيش في منتجعات مثل منطقة أنطاليا المطلة على البحر المتوسط، أما الآن فهم يشترون شققا في إسطنبول بغرض استثمار أموالهم.
اتصلت رويترز ببعض مشتري المنازل الروس لكنهم رفضوا إجراء مقابلات بسبب حساسية الموقف.
آلاف وملايين
تقدم تركيا ودولة الإمارات العربية حوافز إقامة لمشتري العقارات. ففي تركيا، يمكن للأجانب الذين يدفعون 250 ألف دولار مقابل عقار ويحتفظون به لمدة ثلاث سنوات الحصول على جواز سفر تركي. ومقابل مبلغ أصغر قليلا، تقدم دبي، مركز الأعمال الرئيسي في الشرق الأوسط، تأشيرة إقامة لمدة ثلاث سنوات.
تستحوذ على معظم الطلب الشقق التي تبلغ قيمتها 750 ألف درهم (205 آلاف دولار)، وهو الحد الأدنى لاستحقاق التأشيرة. لكن العقارات الأغلى في الجزر الصناعية، مثل نخلة جميرا الجذابة في دبي، يتم شراؤها بما يصل إلى ستة ملايين درهم، وفقا لمتخصصين في العقارات.
وقالت إيلينا ميليشينكوفا من شركة الوساطة العقارية ترانيو، ولديها مقران في موسكو وبرلين وتركز على العملاء الروس الذين يشترون العقارات في الخارج، “يبحث المستثمرون عن حماية رأس المال وفرصة الحصول على تأشيرة إقامة في الإمارات من أجل الانتقال المؤقت”.
وأضافت أن شركتها تلقت زيادة بمقدار ثلاثة أضعاف تقريبا في الطلبات على الشقق في دبي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها في العام الماضي.
تقول بعض الشركات إن الطلب أعلى حتى من ذلك.
وقال كالداس من شركة (مودرن ليفينج) في دبي “في بداية غزو أوكرانيا أطلقنا حملة في المنطقة وكان عدد من تواصلوا معنا… أعلى بعشرة أمثال على الأقل من المعتاد”.
وقال الرئيس التنفيذي الذي عين متحدثين بالروسية الأسبوع الماضي إن المشترين الأغنياء فعلا بدا أنهم يقومون باستعدادات وحولوا الأموال إلى خارج روسيا حتى قبل اندلاع الحرب قبل شهر.
نقد وعملات مشفرة
تقول إيلينا تيمشينكو من شركة (رويال هوم ريل استيت) للسمسرة في دبي إنه بالنسبة للروس الذين لديهم حسابات مصرفية في الإمارة ستكون العملية بسيطة نسبيا.
وأضافت أن آخرين لجأوا إلى أصدقاء أو معارف للمساعدة لكن بالنسبة للبعض فإن التحدي المتمثل في جمع الأموال من أجل إتمام عملية شراء كان يحتاج للكثير من الجهد المكثف.
وقالت “أن تتمنى أن تشتري في دبي هذا شيء .. وأن تستطيع تنفيذ ذلك شيء آخر” في إشارة للصعوبات التي تواجه جلب الأموال إلى الدولة الخليجية.
واجه بعض الروس الذين وصلوا مؤخرا إلى تركيا صعوبات جمة في إيداع الأموال والتحويلات عبر بنوك تتحسب من مخالفة العقوبات المفروضة على موسكو. كما زاد من تلك الصعوبات مراحل إضافية من الالتزام بالقواعد والاستبعاد من فيزا وماستركارد.
وأصدرت الإمارات إرشادات تنظيمية للمصارف العام الماضي لتشديد إجراءات رصد التحويلات المشبوهة في محاولة لكبح تدفق الأموال غير المشروعة. لكن ذلك لم يمنع أن يتم إدراجها، مثل تركيا، في قائمة الدول التي تراقبها وكالة فاتف لمراقبة الجرائم المالية العالمية.
وقال مدير تنفيذي كبير ببنك إماراتي إن البنك يقوم بنفس عمليات التحقق من العملاء كما كان يفعل من قبل ولم يتلق أي تعليمات جديدة من البنك المركزي.
وفي إسطنبول، قال باباجان المطور والبائع العقاري إن هؤلاء العملاء الروس الذين تعامل معهم حتى الآن دفعوا عبر البنوك دون مواجهة مشكلات.
وقال كالداس وأليكس جيهان أوغلو، وهو سمسار عقارات في أكبر المدن التركية، إن بعض الروس كانوا يستعملون النقد المحول من عملات مشفرة بعد أن تسببت العقوبات في إضافة تعقيدات إلى عمليات التحويل المالية.
وأضاف كالداس “يمكنني القول إن أغلب التحويلات التي نشهدها هي عبر العملات المشفرة… العملات المشفرة، خاصة في هذه السوق الآن، وبالنظر للصعوبات التي يواجهونها، هي القناة المستخدمة”.
المصدر: رويترز