فاتورة الغاز الطبيعي.. عبء كبير في فصل الشتاء بتركيا
أنقرة-اقتصاد تركيا
تعتبر فاتورة الغاز الطبيعي – الركيزة الأساسية لمعظم وسائل التدفئة في فصل الشتاء في عموم تركيا – أكبر عبء على المواطنين والحكومة التركية لاسيما مع انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار، الأمر الذي أدى إلى رفع أسعار الغاز في الأشهر الأخيرة إلى قرابة الضعف، وما رافق ذلك من تعثر المواطنين في عمليات دفع الفواتير وسط أنباء عن أزمة تواجهها شركة الغاز الوطنية “بوتاش” في سداد ديونها للموردين الدوليين، وهو ما نفته الشركة في بيان لها.
وعلى غرار موارد الطاقة الأخرى، تعتمد تركيا بشكل شبه كامل على تأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي من الخارج، حيث تمثل فاتورة الطاقة التي تتكون من الغاز الطبيعي والبترول بالدرجة الأساسية أكبر عبء على الحكومة التركية، إذ تصل سنوياً إلى قرابة 45 مليار دولار وتعتبر المسبب الأول للعجز المتواصل في الميزان التجاري لتركيا، التي عجزت حتى اليوم في إحداث فائض فيه رغم تسجيلها أعلى أرقام صادرات في تاريخها على الإطلاق.
وتعتمد معظم المنازل في تركيا على الغاز الطبيعي للتدفئة في فصل الشتاء، وعلى الدوام كانت فاتورة الغاز الأصعب على المواطنين في البرد، إلا أن الارتفاع الكبير في أسعار الغاز هذا العام بالتزامن مع الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي وارتفاع التضخم لمستويات غير مسبوقة في ظل الانهيار الكبير الذي شهدته أسعار صرف الليرة أمام الدولار.
وبداية العام الجاري، أعلنت شركة بوتاش الحكومية للطاقة أن أسعار الغاز الطبيعي سترتفع 25 في المئة للاستخدام المنزلي و50 في المئة للاستخدام الصناعي في يناير/ كانون الثاني، وسبق ذلك على مدى الأشهر الماضية رفع متتال في أسعار الغاز بالتوازي مع انخفاض سعر صرف الليرة التركية حيث أوصل إجمالي رفع الأسعار المتتالي فاتورة الغاز الطبيعي إلى الضعف تقريباً، كما رفعت أسعار الكهرباء 50 في المئة إلى المنازل و125 في المئة للمستهلكين التجاريين.
وبينما أعلنت الحكومة أن معدل التضخم وصل عام 2021 إلى 36 في المئة، وهو أعلى رقم معلن منذ 20 عاماً، تقول المعارضة إن معدل التضخم الحقيقي يصل إلى أكثر من 50 في المئة، إذ ارتفعت الأسعار تباعاً بمعدلات تقارب نسبة انخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار، والتي فقدت بالفعل نحو 50 في المئة من قيمتها في الأشهر الأخيرة.
وقبل أيام، أعلنت شركة “جازبروم” الروسية لتصدير الغاز توقيع اتفاقية مع شركة الغاز التركية “بوتاش” للتعاون في إمدادات الغاز تشمل توريد الغاز لمدة أربع سنوات لتركيا بما يصل إلى 5.75 مليار متر مكعب سنوياً عبر خط أنابيب “ترك ستريم”، في حين أعلن المسؤول التنفيذي للشركة الروسية أن صادرات بلاده لتركيا ارتفعت بنسبة 63 في المئة في عام 2021 مقارنة بالعام الذي سبقه.
وبداية الشهر الجاري، ذكر تقرير لوكالة بلومبيرغ الأمريكية أن شركة الغاز التركية “بوتاش” تواجه صعوبات كبيرة في سداد ديون مستحقة لها بالدولار الأمريكي بسبب التراجع الكبير الذي شهده سعر صرف الليرة التركية، لافتاً إلى أن الشركة تسعى لتأمين قرض بقيمة 2 مليار دولار من أجل سداد ديونها المستحقة الدفع في الأسابيع المقبلة لاسيما إلى شركة غازبروم الروسية أكبر موردي الغاز لتركيا.
لكن شركة “بوتاش” أصدرت بياناً نفت فيه المعلومات التي وردت في تقرير بلومبيرغ مشددة على الحاجة لتقديم معلومات دقيقة للجمهور، وجاء في البيان: “تستخدم منظمتنا التمويل فقط من المؤسسات المالية الوطنية والدولية من أجل تعزيز هيكلها المالي بما يتماشى مع إدارة مالية فعالة وكفؤة وتنويع الأدوات المالية التي تستخدمها، كما واستخدام أدوات الدين طويلة الأجل التي تؤثر بشكل إيجابي على معدلات الإنتاجية في المشاريع الاستثمارية، ولتوفير النفوذ المالي بشكل فعال لاحتياجات رأس المال العامل”.
وفي محاولة لتخفيف العبء الكبير لفاتورة الغاز على الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، أعلنت الحكومة التركية عن برنامج لتقديم الدعم للمواطنين لتسديد فاتورة غاز التدفئة في فصل الشتاء، حيث تم إنشاء آلية للتسجيل عبر البوابة الحكومية الإلكترونية للحصول على دعم لفاتورة الغاز الطبيعي.
وإلى جانب أعباء فاتورة الغاز على المواطنين، تعتبر فاتورة الطاقة بشكل عام أكبر مشكلة تواجه الحكومات التركية المتعاقبة منذ عقود، حيث تمثل السبب الأول للعجز المتواصل في الميزان التجاري ومصدر استنزاف لميزانية الدولة إلى جانب اعتبارها ورقة ضعف وأداة ابتزاز سياسي للدول الموردة للغاز والبترول.
ومؤخراً، أظهرت الإحصائيات والأرقام الرسمية جهودا تركية حثيثة من أجل تقليل الاعتماد على روسيا وإيران في تأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي وذلك من خلال زيادة وارداتها من الجزائر وأذربيجان في مسعى لسحب ورقة الغاز كأداة للابتزاز السياسي من يدي موسكو وطهران.
المصدر: القدس العربي