"كل يوم بازار".. اشتر من بيتك كأنك في أسواق إسطنبول
حوَّل انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" أغلب أنظمة الخدمات في العالم إلى التقنيات الرقمية، وعزز ثقافة التسوق عن بعد في العديد من البلدان، وخلق فرص عمل جديدة أمام "الوسطاء الجادين".
في مدينة إسطنبول التركية، استثمر شبان سوريون رغبة الناس بممارسة التسوق الميداني من داخل منازلهم في توفير خدمة خاصة للتسوق عن بعد ولكن بالعين الحقيقية من خلال البث المباشر للمعروضات.
فمع كل صباح، يتوجه أحمد سعيّد مع فريق عمل من زملائه إلى الأسواق الشعبية المنتشرة في مدينة إسطنبول "البازارات" ويصور معروضاتها، ثم يعرض الفيديوهات على حسابات خاصة في فيسبوك ومجموعات واتساب أطلق عليها اسم "كل يوم بازار".
عُرفت البازارات في اسطنبول أساسا بانخفاض أسعارها وبتنوع معروضاتها الكبير وثبات مواعيد إقامتها أسبوعيا في كل حي، لكن كثيرا من الناس باتوا يعزفون عن الوصول إليها اليوم تحقيقا لدعوات "التباعد الاجتماعي" كسبيل لتجنب الإصابة بعدوى فيروس كورونا.
كورونا والتغيير
تجسد فكرة البث المباشر للمعروضات أهمية المرونة في تحويل الأعمال والمشاريع الصغيرة للتكيف مع الظروف في عالم سريع التحولات، إذ كان سعيّد يمتلك شركة للسياحة العلاجية في تركيا لكنه قرر البحث عن مشروع آخر بعد توقف السياحة والسفر في العالم أجمع عقب انتشار جائحة كورونا.
ويقول سعيّد للجزيرة نت إنه وبمجرد أن اهتدى لفكرة تصوير السوق وعرضها في فيديوهات على المشترين، أجرى دراسة تأخذ في عين الاعتبار قدرته والفريق الذي يعاونه على تلبية احتياج الزبون، فحدد قطاعات سكنية متقاربة مثل بيليك دوزو وإسنيورت وأفجلار وكوشوك شكمجة وبهتشة شهير، ثم اختار منطقة متوسطة بينها كمركز للتسوق، ومن هناك بدأ يتابع مواقع البازار كل يوم.
حافز الأسعار
يرى صاحب خدمة "كل يوم بازار" أن المجتمع العربي في تركيا وحتى كثير من الأتراك ما زالوا لا يحبذون التعاملات المالية من خلال التطبيقات الإلكترونية، الأمر الذي منح فكرته جاذبية لدى الزبائن الذين يفضلون تسلم البضاعة والدفع على فاتورتها.
كما يؤكد أن هذا النظام من البيع منح الناس الفرصة لشراء بضائع البازار الرخيصة وهم جالسون في بيوتهم، خشية انتقال عدوى فيروس كورونا إليهم في حال دخلوا البازارات المعروفة باكتظاظ الناس فيها.
وأضاف قائلا "الكثير من الأهالي الآن بلا عمل وبالتالي فإنهم يبحثون عن شراء البضائع بأسعار منخفضة، والبازارات توفر عليهم الكثير من المال، فهم يشترون منها بنصف قيمة ما يمكنهم شراؤه بالتطبيقات الإلكترونية من خارج البازار".
بدأ أحمد وفريقه مشروعهم البسيط من خلال صفحة "فيس بوك" وإعلان ممول أوصلها لجمهور معقول، ثم أنشؤوا حسابات اتصال "واتس أب" للزبائن الراغبين بالتسوق من خلال مجموعتهم، وهم يصورون الأسواق بكاميرات هواتفهم النقالة، ويرفعون الفيديوهات على هذه المجموعات، ثم يسجلون الطلبيات التي يختارها الزبائن ويوصلون البضائع لبيوتهم بسيارة أحمد الخاصة مقابل نسبة معلومة عن كل فاتورة.
وإلى جانب البازارات توفر الخدمة فرصة التسوق من المحال التجارية الكبرى التي تبيع المؤن الجافة والمعلبات واللحوم والأجبان والزيوت وغيرها من البضائع.
ضمان الجودة
إضافة إلى انخفاض التكلفة، فإن هذا الشكل من التسوق يفيد المشترين في التغلب على مشاكل ضعف جودة المشتريات التي يطلبونها حينا أو الجهل بصنفها الدقيق في أحيان أخرى.
وقال أحد زبائن "كل يوم بازار" للجزيرة نت إنه تعرض قبل ذلك لكثير من المشاكل في نوعية المشتريات التي كان يطلبها بالأيقونة، خاصة الخضروات والفواكه التي كان الكثير من أصنافها يصله بمواصفات غير التي يريدها.
وأضاف "هذا النوع من الخدمة -البث المباشر- يسمح لك بأن تطلب الشيء الذي تراه بعدما تتأكد من مطابقته لاحتياجك، أنت تشتري ما تشاء وليس الموجود".
وينتشر في مدينة إسطنبول وحدها 358 بازارا موزعة على أيام الأسبوع، بينها 243 في الجانب الأوروبي و115 في الجزء الشرقي "الأناضولي" للمدينة.
وبحسب المراجع عن تاريخ البازارات فإنها أسواق كانت قائمة منذ العهد البيزنطي، وحافظ المسلمون عليها كتقليد للتسوق وتنشيط التجارة الداخلية بعد فتح القسطنطينية عام 1453م وتغيير اسمها إلى مدينة إسطنبول.
المصدر/ الجزيرة نت