كيف يتربح الصينيون من الألعاب
اعتقد أننا لو أردنا أن نتعلم كيف نأتي ببعض الأفكار الخلاقة لتحقيق الربح من الإنترنت، فإن السوق الصيني قد يكون أحد أهم الأماكن التي يمكننا التعلم منها.
ولكن قصة هذه المقالة لا تبدأ من الصين، بل من اليابان، وشركة نينتندو بالتحديد.
صدرت في نهاية مارس الماضي لعبة نينتندو الشهيرة أنيمال كروسنج (Animal Crossing) على جهاز سويتش، والتي باعت أكثر من خمس ملايين نسخة رقمية منذ صدورها.
هذه الأرقام جعلتها اللعبة الأكثر مبيعا لشهر مارس 2020، والأكثر مبيعاً خلال فترة شهر على الإطلاق، متجاوزة أرقام لعبة Call Of Duty لنفس المدة.
تصنف لعبة Animal Crossing ضمن ألعاب المحاكاة. فوظيفتك الأساسية هي المحافطة على جزيرتك وستتحكم في شخصية صغيرة، تقوم بالعديد من المهام المختلفة، من صيد السمك، إلى حطب الأشجار، تشذيب الحشائش، بناء منزلك وتزيينه، المساهمة في بناء الأماكن المهمة، وجمع المواد المختلفة.
خلال اللعبة سوف تحتاج إلى العديد من الموارد المختلفة، مثل الأخشاب، والمعادن، والفواكه، وهلم جرا.
ويمكنك الحصول على بعض هذه الموارد بسهولة والبعض الآخر نادر ومكلف، وقد تحتاج إلى زيارة جزر اخرى من أجل الحصول عليها أو تبادلها مع بعض الآخرين، لو كنت تعلب عن طريق الإنترنت.
لو أصابك وصفي بالملل أو شعرت أن ما أتحدث عنه لا يبدو كلعبة تستحق هذا الضجيج، فقد تكون محقاً، على الأقل من الناحية النظرية. لكنك لو جربت اللعبة – مثلي – لشعرت بالمتعة وأنت تقوم بهذه المهام، ربما لأن نيتندو صممتها بطريقة كرتونية ومحببة وهو أمر تتميز به العديد من ألعابها.
لعل أهم مايميز اللعبة هو أنها تعطيك الإحساس “بالحياة”. فوقت اللعبة مرتبط بالوقت الذي تعلب فيه، فلو كنت تلعب في الصباح فسوف يكون الجو مشمساً، كما أن النباتات تحتاج إلى وقت لكي تنمو وتثمر، ولو غبت عن الجزيرة كثيراً فسوف تصبح حالتها سيئة، وستنتشر الحشائش الضارة في كل مكان، وستكون حالة السكان النفسية سيئة.
بناء اللعبة بهذه الطريقة يعني أن على اللاعبين أن يشغلوا اللعبة كل يوم (أو كل بضع أيام بناءا على جدولك) للتأكد من ترتيب أمور جزيرتك وتنظيمها، وحصاد مايمكن حصاده إلخ إلخ.
والآن لننتقل إلى الصين…
صدر جهاز نينتندو سويتش في السوق الصيني رسمياً في ديسمبر 2019 أي بعد صدور الجهاز حول العالم بحوالي السنتين.
وتتميز النسخة الصينية بأنها معدلة، ولا تشغل سوى الألعاب المصرح بها في الصين، فالرقابة الصينية على الألعاب صارمة، لدرجة أن ألعاب طفولية قد تمنع لأنها فيها بعض الأشباح.
هذه القيود لم تمنع نسبة كبيرة من محبي الألعاب في الصين من استيراد الأجهزة والألعاب من الدول والمناطق المجاورة، مثل اليابان، وهونج كونج. ولذلك حين صدرت أنيمال كروسنج، تمكن الكثير من لاعبي الصين من الحصول عليها، ولأنها مازالت لا تباع بشكل رسمي في الصين، استطاعوا الحصول عليها من تاو-باو (Taobao) الذي يعتبر أكبر موقع تسوق في الصين (وهو مملوك لعلي بابا).
لا يعرف أحد رقم المبيعات الفعلي لأنيمال كروسنج في الصين. ولكن في الأيام الأولى لصدورها، شهدت منصة WeChat الصينية سيلاً هائلاً صور للاعبين الذين يشاركون صور شخصياتهم وجزرهم، مما يدل على وجود قاعدة لاعبين كبيرة في الصين رغم كل الحظر، وبعض التوقعات لا تستبعد أن اللعبة باعت أكثر من مليون نسخة في السوق الصيني، لكن بشكل غير رسمي.
لننتقل إلى جزيرتك…
كما سبق أن ذكرت سابقاً فإن جزيرتك تحتاج إلى رعاية مستمرة وتطوير لتستمر سعادة سكان الجزيرة، لكن الوقت سلعة ثمينة ومن الصعب على بعض اللاعبين – مثلي – الالتزام باللعب يومياً من أجل تحسين جزيرتي.
من هذا المنطلق قرر الصينيون أن يقدموا خدماتهم للاعبي أنيمال كروسنج، وبمقابل مادي لتحقيق الربح !!
لو كنت تريد الحفاظ على جزيرتك مرتبة ونظيفة فإن بعض اللاعبين يقدمون هذه الخدمة بأسعار تتراوح مابين 2$ إلى 9$ دولار. وسيقوم هؤلاء بتنظيف الأرض، وجز الحشائش، والتقاط الأوساخ، كي تكون جزيرتك نظيفة حتى لو كنت بعيداً عنها.
أما لو كنت تريد تصاميم مميزة لملابسك أو جدران بيتك مثلاً، فإن بعض اللاعبين يوفرون لك هذه الخدمة بمقابل مادي، وتستطيع أن تدفع لهم المال مباشرة عن طريق خدمات الدفع الشهيرة مثل AliPay أو WeChat حيث قام بعضهم بوضع رقم حسابه على شكل QR Code أمام منزله في اللعبة.
مع أن نينتندو لا تقدم نظام البيع والشراء داخل اللعبة، إلا أن اللاعبين الصينيين تمكنوا من الاستفادة من خاصية زيارة جزء اللاعبين الآخرين، وحولوها إلى مصدر دخل من أجل الربح ، ولكني لا أعرف عن جدوى هذه الخدمات، فهي تبدو وكأنها موجهة لطبقة مرفهة جداً، ولكن من يدري؟
المصدر : عالم التقنية