تركيا وقطر على موعد مع إبرام اتفاقيات اقتصادية جديدة
الدوحة - اقتصاد تركيا والعالم
أكد سفير الجمهورية التركية لدى قطر مصطفى كوكصو أن اللجنة الإستراتيجية العليا القطرية – التركية المُشتركة بين البلدين المقرر عقد دورتها السادسة غدًا «الخميس» سوف تشهد توقيع اتفاقيات جديدة تعزز العلاقات الوثيقة بين البلدين الشقيقين.
وأوضح في لقاء مع الصحف المحلية القطرية أمس الثلاثاء أن الاتفاقيات الجديدة سوف تضاف إلى 52 اتفاقية تم توقيعها سابقًا، ومن المتوقع أن تتجاوز نحو 60 اتفاقية بعد هذا الاجتماع. وتشمل الاتفاقيات الجديدة مجالات عديدة ومتنوعة، في الاقتصاد والصناعة والثقافة والشؤون الإسلامية والأسرية والتجارة الدولية والموارد المائية، وسيتم الإعلان عن تفاصيلها خلال الاجتماع.
تعاون مؤسساتي
وأشار السفير التركي إلى أن « الرئيس التركي والأمير القطري وقعا في ديسمبر من العام 2014 على إنشاء اللجنة الإستراتيجية العليا بين البلدين٬ وبموجب هذه الاتفاقية انخرط عدد كبير من الوزارات بالإضافة إلى عدّة مؤسسات حكومية وخاصة في التحضير لاتفاقيات تعاون ثنائية».
ونوّه إلى أنه «عُقدت القمّة الأولى للجنة الإستراتيجيّة العليا على مستوى قيادتي البلدين والتي استضافت الدوحة أعمال دورتها الأولى بتاريخ 2 ديسمبر 2015».
وأكد أن «اللجنة العليا وضعت العلاقات الثنائية بين دولة قطر والجمهورية التركية على مسار مُؤسساتي يضمن لها تحصين المُنجزات السابقة ويُوسّع آفاقها لتتجاوز التميّز على المستوى السياسي إلى تحقيق تميّز مُماثل في المجالات الأخرى المُختلفة لاسيما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافيّة والأمنيّة أيضًا».
وبيّن أن تأسيس اللجنة جاء بعد سنوات من التوافق والتناغم، فمنذ تأسيسها، عقدت اللجنة خمسة اجتماعات، مُناصفة بين قطر وتركيا، منذ عام 2015 حتى الآن بالتبادل بين البلدين، فقد عُقدت الأولى بالدوحة 2015 ٬ والثانية في طرابزون بتركيا في 2016، والثالثة في الدوحة 2017 والرابعة في إسطنبول 2018 والخامسة في الدوحة 2019».
7 اتفاقيات
وحول الاجتماع الماضي للجنة الإستراتيجية العليا القطرية – التركية الذي عُقد بالدوحة في 25 نوفمبر 2019، قال السفير كوكصو إنه «شهد توقيع 7 اتفاقيات في مجالات الاقتصاد، والتمدن، والتجارة، والصناعة، والتكنولوجيا، وقطاعات الصحة، فضلًا عن التخطيط الإستراتيجي والتعاون العلمي والملكية الفكرية وتعمل هذه الاتفاقيات على تعزيز العلاقات الثنائية، وإثراء العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية بين البلدين».
متانة العلاقات
وشدّد السفير التركي على أن الانعقاد المُنتظم لاجتماعات اللجنة الإستراتيجية العليا على أعلى مستوى كل عام، كآلية للتشاور بشأن العلاقات القطرية التركية يُمثل أحد أهم مُؤشرات العلاقات الثنائية المُكثفة والقوية. كما يعكس رغبة البلدين في تعزيز وتنويع علاقات التعاون، كما أنه دلالة مهمة على قوة وعمق العلاقات القطرية التركية والتزامهم كبلدين شقيقين وحليفين إستراتيجيين».
التبادل التجاري
وأشار إلى أن العلاقات بين البلدين تتميز بتنوع التعاون في مجالات حيوية عديدة مثل الطاقة والتصنيع والتكنولوجيا والمصارف والسياحة والزراعة والعقارات، حيث سجّل التبادل التجاري نموًا بحوالي 6% عام 2019 ليصل إلى حوالي 1.6 مليار دولار».
ونوّه إلى أن «الشركات القطرية تعد ثالث أكبر المُستثمرين في مجال المقاولات بالسوق التركي، وبالمقابل حصلت الشركات التركية على تعاقدات بقيمة 1.2 مليار دولار عام 2019 لتنفيذ مشاريع في دولة قطر، وفي مجال السياحة، وصل عدد الزائرين من المواطنين القطريين لتركيا إلى حوالي 30 ألف قطري في 2016، ثم تزايد في عام 2019، حتى وصل إلى نحو 110 آلاف مواطن قطري، بنسبة زيادة تتجاوز 450%».
الاستثمار المتبادل
وقال السفير كوكصو: إن تركيا بلد مُغرٍ للمستثمرين القطريين، وهي بمثابة ملاذ آمن لاستثماراتهم والأرقام خير دليل، حيث تعمل أكثر من 179 شركة قطرية في تركيا ووصل حجم الاستثمار القطري في تركيا ما يزيد على 22 مليار دولار.
وأكد أن الاستثمارات القطرية في تركيا لم تركز على قطاع واحد بل اهتمت بجميع الأنشطة تجارية كانت أو سياحية أو زراعية، بالإضافة إلى قطاع الطاقة والصناعات الدفاعية وقطاع العقارات والبنوك.
في المقابل تساهم شركات الإنشاء التركية في مشاريع البنية التحتية في قطر والتي بلغت قيمتها منذ عام 2002 أكثر من 18 مليار دولار أمريكي وتنشط في قطر ما يزيد على 500 شركة تركية والتي تعمل في مجالات حيوية. كما تعدّ قطر سابع أكبر سوق عقود في عام 2019.
قوانين الاستثمار القطرية الجديدة فرصة للمستثمر التركي
وشدّد السفير التركي على أن هناك فرصًا كبيرة للمستثمرين الأتراك في قطر، حيث قامت الدوحة في السنوات الأخيرة بعمل مُمتاز في تشجيع الاستثمارات الخارجية وأدخلت العديد من الإصلاحات لجذب الاستثمار الأجنبي.
وأشاد بالتعديلات والإصلاحات الرائدة في قطر والتي تهدف إلى خلق بيئة أعمال تنافسية، بالإضافة إلى التحول من نظام الملكية الأجنبية المُحدد بأحكام معينة إلى ملكية أجنبية بنسبة 100% في بعض القطاعات.
وأضاف: نحن نستهدف جلب المُستثمرين الأتراك والشركات التركية إلى الدوحة فعلاقتنا مع قطر مبنية على تحقيق المصالح المتبادلة.
كما أشاد كوكصو بدور مركز قطر للمال – أحد المراكز المالية والتجارية الرائدة والأسرع نموًا في العالم – في تسليطه الضوء على فرص الاستثمار الأجنبي المباشر في دولة قطر.
وأكد السفير التركي مصطفى كوكصو أن العلاقات القطرية التركية اختبرت أكثر من مرة وفي مواقف صعبة وأثبتت مصداقيتها ومتانتها وصلابتها، فعندما تعرّضت تركيا لمُحاولة انقلابية فاشلة في 2016 كان الموقف القطري منذ اللحظة الأولى داعمًا للحكومة التركية، لافتًا إلى أنه عندما تعرّضت قطر لحصار في 2017 كان الموقف التركي صادقًا ورافضًا لهذا الحصار غير العادل، وبالتالي هذا يؤكد أن العلاقات التركية القطرية هي تحالف حقيقي وصلب لا يمكن أن تزعزعه أي أحداث أو أزمات بالمنطقة».
وقال: إن تركيا بذلت قصارى جهدها لرفع الحصار غير العادل المفروض على قطر، وفور اندلاع الأزمة، وقفت تركيا إلى جانب قطر بتوفير المواد الغذائية من الفواكه والخضراوات والألبان بواسطة طائرات الشحن، ونأمل أن يتم حل هذه الأزمة المُستمرة منذ 3 سنوات في أسرع وقت ممكن
وشدّد كوكصو على أن قطر وتركيا شريكان إستراتيجيان يتعاونان في العديد من القضايا على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية. وشهدت علاقاتنا الثنائية تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة في جميع المجالات تقريبًا.
وقال: إنه لا يمكن وصف العلاقات التركية – القطرية بالمؤقتة فهي ليست وليدة اليوم، بل ترجع إلى نهاية القرن التاسع عشر، وظلت تتطور حتى بعد تأسيس الجمهورية لتشهد تطورًا ملحوظًا في تسعينيات القرن الماضي، ثم شهدت قفزة نوعية مع تركيا حاليًا، بسبب العلاقات الأخوية التاريخية والمصالح المشتركة بين الشعبين الشقيقين.
وقال سفير تركيا بالدوحة: إن التوافق القطري التركي في السياسات والمبادئ هو من أهم دعائم استمرار ونمو العلاقات. فالبلدان فيما يخص السياسات الخارجية، على سبيل المثال، يتشاركان نفس المبادئ من حيث جهود الوساطة والدبلوماسية الإنسانية. وأضاف: «إن تركيا وقطر تصطفان مع الحق والعدل الذي يُحقق مصالح الشعوب وهو العامل المُشترك في الآراء والمواقف القطرية التركية، لأننا لا نستهدف سوى دعم الشعوب من مُنطلق إنساني ينتصر للحق والعدالة».
وأضاف : «نرى أن النهج التركي القطري في العلاقات هو مصدر إلهام وأمل، ونعتبره نموذجًا يُحتذى في الشراكات».
إقبال على تعلم اللغة التركية وثقافتها في قطر
ونوّه السفير التركي إلى وجود تناسق ثقافي بين شعبي البلدين، مشيرًا إلى إقبال المواطنين والمقيمين في قطر على تعلم اللغة التركية بالمعهد الثقافي التركي «يونس أمرة». وأوضح أن نسبة القطريين المُتعلمين للغة التركية في المعهد بلغت 30٪ من إجمالي الطلاب الذي وصل عددهم حتى الآن 1650 طالبًا منذ تأسيس المعهد في قطر عام 2015.
وقال: إنه بجانب تعليم اللغة التركية يقوم المركز بالتعريف بالثقافة والفنون والأدب التركي بالطرق السليمة كما يعمل أيضًا على التعريف بالمكانة التي وصلت لها قطر في هذه المجالات.
وأشار إلى وجود عشرات الطلاب الأتراك يدرسون في جامعات قطر، وأيضًا عدد من الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس ممن يقومون بالتدريس في جامعات قطر المُختلفة.
وأعرب السفير التركي عن سعادته باستضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم 2022 لأول مرة في العالم العربي والإسلامي، وقال: «لهذا السبب، أعربنا على جميع المُستويات وفي كل مُناسبة عن استعدادنا لتقديم كل الدعم اللازم لقطر لتنظيم هذه البطولة الدولية المرموقة بنجاح».
وأضاف: «رغم ما أصاب العالم من تباطؤ في الأنشطة الاقتصادية والتجارية بسبب وباء كورونا (كوفيد-19)، لم تتوقف استعدادات قطر لكأس العالم 2022، وذلك بفضل إدارة القيادة القطرية وعزيمة وتصميم الأشقاء القطريين». وأضاف: «يسرنا أن الاستعدادات تسير على النحو المتوقع ووَفقًا للجدول الزمني، ومن واقع ما رأيته من استعدادات وأعمال مُميزة فإنني على ثقة تامة بأن قطر سوف تنظم كأس عالم استثنائية ومُبهرة وستكون مصدر فخر للأمة العربية والإسلامية بأسرها».
ونوّه إلى أن هناك تعاونًا بين قطر وتركيا في مجال بطولة كأس العالم سواء على مستوى البنية التحتية أو المجال الأمني حيث وقّع البلدان بروتوكول تعاون أمني يهدف إلى التعاون في تأمين مونديال كأس العالم 2022 وتبادل الخبرات في هذا الشأن.
المصدر: الراية القطرية