عالم من أصل تركي يبشر العالم بانفراجة قريبة
برلين – اقتصاد تركيا والعالم
قال العالم الألماني ذي الأصل التركي أوغور شاهين -الذي يقف وراء لقاح شركتي فايزر (Pfizer) وبيونتك (BioNTech)- إن هذا اللقاح يمكن أن ينهي وباء فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19، والذي قتل حتى اليوم حوالي 1.3 مليون إنسان عالميا.
وأعلنت شركة فايزر الأميركية لصناعة الأدوية وشريكتها شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية بيونتك، أن لقاحهما التجريبي للوقاية من مرض كوفيد-19 فعّال بأكثر من 90%.
وقال شاهين إنه واثق من أن منتجه يمكنه "ضرب الفيروس على رأسه"، ووضع حد للوباء الذي جعل العالم رهينة في عام 2020، وذلك في تصريحات خاصة لصحيفة الغارديان (The guardian) البريطانية.
وفي أول مقابلة له مع صحيفة بريطانية، قال الرئيس التنفيذي لشركة بيونتك أوغور شاهين إنه متفائل.
وأضاف في مكالمة عبر تطبيق زوم من منزله في ماينز: "إذا كان السؤال هو ما إذا كان بإمكاننا إيقاف هذا الوباء بهذا اللقاح، فإن جوابي هو: نعم".
وقامت شركة بيونتك التي تأسست عام 2008 من قبل الزوجين أوغور شاهين وأوزليم توريسي بالإضافة إلى عالم الأورام النمساوي كريستوف هوبر، بتطوير لقاحها بطريقة تجريبية تعرف باسم الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA).
وبينما تأخذ اللقاحات التقليدية المعلومات الجينية من الفيروس وتزرعها في خلية بشرية، تتطلب طريقة الحمض النووي الريبوزي المرسال فقط الشفرة الجينية للفيروس، وبالتالي تقصّر عملية الإنتاج بحوالي 3 أشهر.
وقال شاهين إن خبرة شركة فايزر في لقاحات السوق الشامل والإجراءات السريعة من السلطات التنظيمية، ساعدت في تسريع عملية التطوير إلى 10 أشهر بدلا من سنوات.
وقال شاهين إنه يأمل في أن يكون الذين تلقوا اللقاح عن طريق حقنتين في الذراع بفاصل 3 أسابيع، محصنين من فيروس كورونا لمدة عام على الأقل.
من أوغور شاهين؟
ورغم أنه نشأ نشأة متواضعة باعتباره ابن مهاجر تركي يعمل في مصنع فورد بكولونيا، فإن أوغور شاهين (55 عاما) أصبح الرئيس التنفيذي لشركة بيونتك، وهو يعدّ من بين أغنى 100 ألماني، إلى جانب زوجته وزميلته عضو مجلس إدارة الشركة أوزليم توريتشي (53 عاما)، وفقا لما نقلت رويترز عن أسبوعية "فيلت أم سانتاغ" (Welt am Sonntag).
وقال تقرير رويترز إن القيمة السوقية لشركة بيونتك المدرجة في بورصة ناسداك وشارك الزوجان في تأسيسها، قد ارتفع إلى 21 مليار دولار اعتبارا من إغلاق يوم الجمعة، وذلك من 4.6 مليارات دولار قبل عام، مع استعداد الشركة لتأدية دور رئيسي في التحصين الشامل ضد فيروس كورونا.
وقال ماتياس كروماير، عضو مجلس إدارة شركة رأس المال الاستثماري "ميغ آغ " (MIG AG) التي دعمت صناديقها شركة بيونتك منذ إنشائها عام 2008، متحدثا عن شاهين، "على الرغم من إنجازاته، فإنه لم يتغير أبدا من كونه متواضعا وأنيقا بشكل لا يصدق".
وأضاف أن شاهين عادة ما يسير في اجتماعات العمل وهو يرتدي الجينز، ويحمل معه خوذة الدراجة المميزة وحقيبة الظهر.
وسعى شاهين بإصرار لتحقيق حلم طفولته في دراسة الطب ليصبح طبيبا، وعمل في المستشفيات التعليمية في كولونيا ومدينة هومبورغ الجنوبية الغربية، حيث التقى بتوريتشي خلال مسيرته الأكاديمية المبكرة، وأصبح البحث الطبي وعلم الأورام شغفا مشتركا لهما.
وقالت توريتشي، وهي ابنة طبيب تركي هاجر إلى ألمانيا -في مقابلة إعلامية- إنه حتى في يوم زفافهما، خصص كلاهما وقتا للعمل في المختبر.
وفي 2001، أسسا شركة "غانيمد فارماكيوتيكالز" (Ganymed Pharmaceuticals) لتطوير أجسام مضادة لمكافحة السرطان، لكن شاهين -الذي كان حينها أستاذا في جامعة ماينز- لم يتخل أبدا عن البحث الأكاديمي والتعليم.
وبيع هذا المشروع لشركة "أستيلاس" (Astellas) اليابانية في 2016 مقابل 1.4 مليار دولار. وبحلول ذلك الوقت، كان الفريق الذي يقف وراء غانيمد منشغلا بالفعل ببناء بيونتك، التي تأسست في 2008، لمتابعة مجموعة أوسع بكثير من أدوات العلاج المناعي للسرطان.
وأخذت قصة بيونتك منعطفا عندما صادف شاهين في يناير/كانون الثاني ورقة علمية عن تفشي فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان الصينية، ثم قامت شركة بيونتك بسرعة بتعيين حوالي 500 موظف للعمل على عدة مركبات محتملة، وفازت بعملاق الأدوية "فايزر" وشركة الأدوية الصينية "فوسن" (Fosun) كشريكين في مارس/آذار.
وقال ماتياس ثيوبالد أستاذ علم الأورام بجامعة ماينز والذي عمل مع شاهين لمدة 20 عاما، إن ميله نحو التقليل من شأنه يتناقض مع طموح لا هوادة فيه، يتجلى في القفزة إلى لقاح كوفيد-19.
وأضاف "إنه شخص متواضع للغاية. المظاهر تعني القليل بالنسبة له؛ لكنه يريد إنشاء الهياكل التي تسمح له بتحقيق رؤاه، وهذا هو المكان الذي تكون فيه التطلعات بعيدة كل البعد عن التواضع".
ومع ذلك، حذر مسؤولون أوروبيون الخميس من مغبة الاطمئنان للإجراءات التي اتخذت لاحتواء تفشي كوفيد-19، وقالوا إن تلك الإجراءات التي فرضت لكبح زيادة في حالات الإصابة بالمرض يجب أن تستمر مع اقتراب الشتاء، رغم آمال في لقاحات جديدة يمكن أن تؤدي للسيطرة على الجائحة.
وأدى إعلان شركة فايزر هذا الأسبوع عن لقاح فعال محتمل للوقاية من المرض إلى إشاعة التفاؤل بنهاية تلوح في الأفق للأزمة المستمرة منذ أشهر، مما دفع أسواق المال للصعود وأثار حماس من يتوقون لقضاء احتفالات عيد الميلاد في أجواء شبه طبيعية.
لكن السلطات الصحية والزعماء في أنحاء المنطقة حثوا المواطنين على مواصلة الالتزام بإجراءات العزل العام، بعد أن اتضح أن اللقاحات لن تكون متاحة في وقت مبكر بما يكفي لرفع المعاناة عن الكثيرين وإنقاذ الاقتصادات الآخذة في الانكماش.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس في مؤتمر صحفي "تخفيف إجراءات العزل العام حاليا سيكون تصرفا غير مسؤول"، محذرا من أن المكاسب لا تزال هشة رغم مؤشرات على تباطؤ زيادة الإصابات في فرنسا. إذ تسجل بلاده أعلى عدد إصابات بالمرض في القارة الأوروبية.
وأضاف كاستيكس "الضغط على مستشفياتنا زاد بضراوة"، مشيرا إلى أن إجراءات العزل العام التي فرضت في نهاية أكتوبر/تشرين الأول ستبقى مطبقة حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول على الأقل.
وقال مسؤولون في إيطاليا وألمانيا إن أي عودة للأوضاع الطبيعية سوف تستغرق وقتا. وقال لوثار فيلر رئيس معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية "علينا أن نتحلى بمزيد من الصبر لشهرين إضافيين".
وفي هولندا، قال إرنست كيوبرز مدير المستشفى الوطني للصحفيين "قلت أعداد الإصابات بسرعة الأسبوع الماضي، لكننا نحتاج لتحقيق المزيد من التقدم… نواصل التشديد على أهمية اتباع التعليمات".
وقال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه يجب ألا تعلق الدول كل الآمال على طرح لقاحات سريعا.
وأضاف أمام منتدى باريس للسلام -وهو حدث سنوي يركز هذا العام على تعزيز التعاون العالمي للقضاء على الجائحة- "ربما سئمنا من كوفيد-19، لكنه لم يسأم منا بعد".
المصدر : الجزيرة نت