لماذا نحتاج إلى حرائق الغابات؟!
تكون النيران أحياناً مفيدة وحتى ضرورية لدورة حياة بعض النباتات، وتكمن أهمية حرائق الغابات في أنها تساهم في إنبات أشجار وغابات أخرى من الغابات التى احترقت.
ويرجع السبب في نشأة أشجار وغابات أخرى لانطلاق الملايين من البذور التي يحملها الهواء الساخن بفعل النيران والتي بدورها تقوم بتشكيل غابات جديدة في مساحات جديدة، وبهذا تنشأ حياة جديدة مع أماكن نمو الغابات ما يساهم في زيادة التنوع الحيوي.
على مدار الأيام الأخيرة كانت حرائق غابات الأمازون هي الموضوع الأبرز على الساحة الإعلامية في كل البلدان وزاد الحديث عن مخاطر حرائق الغابات وتأثيرها الضار على المناخ والنظام البيئي. إلا أن أحداً لم يتحدث عن فوائد حرائق الغابات –إن جاز التعبير- وأهميتها للنظام البيئي والتنوع الحيوي.
بدأ تشكل أولى الغابات على سطح الأرض في نهايات العصر الديفوني (من 415 مليون سنة إلى 360 مليون سنة) تقريباً وزادت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي بنسبة كبيرة مع انتشار الغابات على سطح الأرض مما ساعد أكثر في زيادة عدد الحرائق لأسباب مختلفة وبالطبع حرائق الغابات. وكان ذلك قبل ظهور الإنسان على سطح الأرض بمئات ملايين السنين.
تكون النيران أحياناً مفيدة وحتى ضرورية لدورة حياة بعض النباتات.وتكمن أهمية حرائق الغابات في أنها تساهم في إنبات أشجار وغابات أخرى من الغابات التى احترقت. ويرجع السبب في نشأة أشجار وغابات أخرى لانطلاق الملايين من البذور التي يحملها الهواء الساخن بفعل النيران والتي بدورها تقوم بتشكيل غابات جديدة في مساحات جديدة، وبهذا تنشأ حياة جديدة مع أماكن نمو الغابات ما يساهم في زيادة التنوع الحيوي.
كما أن الحرائق تساهم في زيادة خصوبة التربة بسبب ما تخلفه من رماد يحتوي على المغنيسيوم والكبريت والبورون والبوتاسيوم والفوسفور وعناصر آخرى لازمة لنمو النباتات، إضافة إلى قيامها بالقضاء على الشجيرات الصغيرة الجافة والتي لا تترك مجالاً لنمو الأشجار الكبيرة وتتيح الفرصة لأشعة الشمس للوصول إلى أرضية الغابات.
كما أن بعض الأشجار لا تتفتح حاويات بذورها إلا بفعل الحرارة العالية فتسقط وتتطاير بفعل الهواء الساخن مما يساهم في نقلها لأماكن أخرى لتكوين غابات جديدة. وبعض أنواع الأشجار تصبح مهددة بالانقراض مالم تحدث حرائق في الغابات التي توجد بها تلك الأشجار.
مثلاً أشجار الصنوبر الأحمر التي يصل ارتفاعها إلى 80 قدماً قد لا يمكنها أن تعيد دورة حياتها بدون حرائق الغابات. وتشير دراسة أجرتها مجموعة من الباحثين بجامعة وسكونسن الأمريكية على أشجار الصنوبر الأحمر في غابات الجزء الشمالي الشرقي من ولاية مينسوتا إلى أن المستوطنين في هذه المنطقة، عندما بدؤوا اتخاذ اجراءت وتدابير لمنع الحرائق الطبيعية، واجهت هذه الأشجار صعوبة في نشر بذورها والتكاثر من جديد. وامتلأت ارض الغابة بشجيرات صغيرة لا تترك مجالا لنمو أشجار الصنوبر الاحمر. وبذلك أصبح من الصعب على أشجار الصنوبر الأحمر أن تعيد دورة حياتها كجزء أساسي من بيئة هذه المنطقة. أشارت الدراسة إلى أن متوسط حياة شجرة الصنوبر الأحمر هو 300 عام وكثير من الأشجار في هذه المنطقة هرمة، ومن غير المحتمل أن تحل أشجار جديدة محل هذه الاشجار العجوز بعد موتها بدون الحرائق الطبيعية التي تنظف التربة من حولها وتتيح لها المجال لانبات اشجار جديدة. وتبحث وزارة الزراعة والغابات الأميركية حاليا استخدام النيران في تلك المنطقة لمساعدة الصنوبر الاحمر على مواصلة النمو والتكاثر، بعد مرور نحو قرن على بدء إجراءات منع حرائق الغابات.
وعندما يتم قمع حرائق الغابات بانتظام ، تتراكم كميات كبيرة من الكتلة الحيوية الميتة في أرضية الغابات ، مما يزيد من فرص نشوب حرائق أكبر بكثير يصعب السيطرة عليها وتعرض التجمعات البشرية القريبة لأخطار وأضرار أكبر ناجمة عن تلك الحرائق.
كما أظهرت دراسة نشرتها مجلة ساينس ديلي الأمريكية عام 2010 أن قمع كل الحرائق حتى الصغيرة التي حدثت في غابات كاليفورنيا على مدى سنوات طويلة أدى إلى زيادة كبيرة جداً في أعداد الشجيرات الصغيرة وتراكم جذوع وفروع الأشجار الجافة التي تُعد بمثابة وقود يجعل الحرائق أشد خطراً، وأن المسؤولون أصبحوا يستخدمون حالياً نظام الحرائق المفتعلة (المُسيطر عليها) للحد من تراكم الشجيرات والحطام الذي يمكن أن يُصبح وقوداً للنيران بعد ذلك.
وفي دراسة أخرى وجد الباحثون أنه بعد عشر سنوات أظهرت الأراضي المحروقة وجود تنوع للنباتات ضعف الأراضي غير المحروقة وأن هذا التنوع يزداد مع ازدياد شدة الحريق. كما أظهرت الدراسة أن استخدام الحرق المتكرر لتقليل تراكم الوقود ليس له تأثير ضار على الغطاء النباتي الأصلي.
ومن المعروف أن أزهار الخشخاش الذهبي النادرة لا تنمو إلا وسط الرماد الذي تخلفه الحرائق الكبيرة مما يشير إلى أن حتى الكوارث يمكنها أن تخلف آثاراً جميلة على حد تعبير مقال بصحيفة الغارديان البريطانية.
تختلف أسباب اندلاع حرائق الغابات ما بين أسباب طبيعية وأسباب بشرية إلا أن أغربها على الإطلاق هو قيام بعض أنواع الطيور بذلك. فبعض أنواع الطيور الجارحة مثل "صقور النار" تقوم بحمل عصي صغيرة أو أغصان مشتعلة وتلقي بها في أماكن بها مساحات شاسعة من الحشائش والشجيرات الجافة مما يؤدي إلى نشوب حرائق هائلة الأمر الذي يساعدها على افتراس القوارض والزواحف التي تهرب بصورة جماعية من النيران كي تصبح صيداً سهلاً لهذه الصقور.
المصدر : ديلي صباح