الإفلاس يطارد المقاولين في "إسرائيل"
ترجمة اقتصاد تركيا
دفع النقص الحاد في العمال، والانخفاض الكبير في عمليات البناء، وارتفاع أسعار المواد الخام وأسعار الفائدة في إسرائيل عشرات الشركات إلى حافة الإفلاس، ما دعا وزارة المالية إلى عقد اجتماع طارئ بحضور ممثلين عن قطاع البناء والعقارات لبحث سبل إنقاذ القطاع من الانهيار.
وتعد أزمة البناء الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، الأشد على الإطلاق، وفق مسؤولين حكوميين ورؤساء شركات، حيث تحذّر الشركات من أنها لن تنجو من تداعيات طويلة الأمد.
وبدت الآثار واضحة على قطاع البناء في إسرائيل، بفعل الهجوم المباغت الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي عبر عملية "طوفان الأقصى" على معسكرات لجيش الاحتلال ومستوطنات عدة متاخمة لقطاع غزة ورشق مناطق مختلفة في إسرائيل بآلاف الصواريخ، فضلا عن إفراغ القطاع من العاملين حيث لجأ الجيش الإسرائيلي إلى استدعاء نحو 360 ألف شخص من جنود الاحتياط للانضمام إلى القتال، وغياب العمال الفلسطينيين ورحيل العمال الأجانب.
وتخشى الحكومة الإسرائيلية من عدم قدرة القطاع على الصمود، وبالتالي عجزه عن تلبية احتياجات البناء وإعادة إعمار المناطق المتضررة بعد انتهاء الحرب.
وما يحدث على أرض الواقع يمكن رؤيته بالفعل في البيانات المالية لعدد غير قليل من الشركات الريادية في قطاع البناء، وانهيار العشرات من شركات المقاولات الصغيرة وتعرّض الكثير من الكيانات لخطر الإفلاس، بعد تعرّضها لصعوبات مالية.
وحذرت جمعية المقاولين من أن "الصناعة على وشك الانهيار"، وفق ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس الأحد.
وتزامنت هذه التحذيرات مع عقد وزارة المالية جلسة نقاش طارئة بشأن الوضع الخطير الذي وصلت إليه الصناعة.
كذلك يشعر مسؤولو مجلس الوزراء ووزارة الإسكان وبنك إسرائيل المركزي بالقلق إزاء الأزمة، التي وصفها كبار المسؤولين الحكوميين بأنها الأصعب منذ عقود.
ولن يكون هناك خيار سوى مساعدة الصناعة في مختلف المجالات، وحل محنة العمال وخفض أسعار المواد الخام، حيث نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسؤول حكومي رفيع المستوى قوله إنه يأمل في أن يقوم بنك إسرائيل في يناير/كانون الثاني المقبل بخفض سعر الفائدة.
وأسعار الفائدة الحالية تعتبر الأعلى منذ عام 2007، بحسب البيانات التاريخية للأسعار الصادرة عن بنك إسرائيل، الذي قرر نهاية الشهر الماضي الإبقاء على مستوياتها عند مستوى 4.75%، معترفا بـ"عواقب اقتصادية كبيرة، سواء على النشاط الحقيقي أو على الأسواق المالية" بسبب الحرب على قطاع غزة.
ووفقاً لرئيس جمعية مقاولي البناء راؤول سارجو، فإن "هناك العديد من الشركات العقارية المعروفة، وبعضها عام، تعاني من أضرار مالية في ظل الحرب"، مشيرا إلى أنه حتى قبل الحرب كان القطاع في وضع سيئ في الأساس بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.
وأضاف سارجو:"من المحتمل أن تنهار بعض الشركات، وعندها لن يكون السؤال الأكثر إلحاحاً هو ما إذا كان المشترون سيحصلون على الشقق في الوقت المحدد، وإنما إذا كانوا سيحصلون على الشقق في الأساس".
وفي ظل وصول التسهيلات الائتمانية التي حصل عليها قطاع البناء إلى نحو نصف تريليون شيكل (134.4 مليار دولار)، فإن مسؤولي شركات التصنيف الائتماني يتخوفون من أزمة تطارد البنوك ومؤسسات الإقراض، ما يؤثر على المالية العامة لدولة الاحتلال وتصنيفها الائتماني، وبالتالي يرفع من أعباء الديون عليها، بفعل رفع المقرضين أسعار الفائدة في ظل المخاطر التي تلاحق الاقتصاد الإسرائيلي.
وجرى تسعير القروض الأخيرة التي حصلت عليها إسرائيل من خلال سندات دولية تم طرحها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بنسبة 6.25% و6.5% على السندات المستحقة خلال 4 و8 سنوات على التوالي، وذلك مقارنة بـ 5.4% حتى وقت قريب.
ويظهر استطلاع أجراه معهد "Geocartography" أن هناك انخفاضا كبيرا في الطلب على الشقق، وخاصة في المناطق المتأثرة بالحرب، بينما كانت هذه المناطق الأكثر طلبا قبل اندلاعها.
ويشير الاستطلاع إلى أن حوالي 30% ممن يخططون للانتقال إلى سكن جديد، يعتقدون أن قرارهم متأثر بالحرب.
وقال دان كاتشانوفسكي، الخبير العقاري: "قبل بدء الحرب، كان الطلب في الأطراف ينمو بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى ارتفاع الأسعار في المركز، إلى جانب طفرة التنمية في المناطق الطرفية.. والآن تغيرت خريطة الطلب على الشقق، لأن الوضع في الجنوب والمناطق الحدودية في الشمال غير واضح، ويبدو أن ذلك يؤثر أيضاً على المطورين العقاريين، الذين يفكرون هذه الأيام مرتين قبل أن ينطلقوا بمشروع جديد في هذه المناطق".
المصدر: العربي الجديد