مزاج "متناقض" في دافوس.. تفاؤل حذر يقابل كآبة المستثمرين
إسطنبول-اقتصاد تركيا
أكد قادة أعمال واقتصاديون مجتمعون في دافوس، بالمنتدى الاقتصادي العالمي، معاناة العالم من ارتفاع معدلات التضخم، وأسعار الفائدة المرتفعة التي زادتها البنوك المركزية لمكافحة زيادة الأسعار. ما عزز مخاوفهم حيال حصول ركود اقتصادي، ودفع بعض أكبر الشركات في العالم إلى "عصر" نفقاتها والترقب قبل بدء العام 2023 الذي يتسم بعدم اليقين.
ورغم ذلك، يرى البعض أسبابا للتفاؤل، لأن زيادة التضخم، التي نتجت جزئيا عن غزو روسيا لأوكرانيا، سبق وبلغت ذروتها. ويمكن أن يؤدي ذلك، وفق ما يأمل بعض قادة الأعمال، إلى هبوط اقتصادي ناعم، حسب وول ستريت .
لكن من جهتها، تفيد صحيفة فايننشال تايمز، أن قادة الأعمال وكبار المسؤولين الحكوميين أعربوا عن تفاؤلهم بشأن الاقتصاد العالمي مع تخلي الصين عن سياسة صفر كوفيد، وتكيف أوروبا مع تأثير الحرب الروسية على أوكرانيا، وغيرها من العوامل التي جاءت مفيدة للاقتصاد.
وتحذر فايننشال تايمز من أنه بالتوازي يمكن أن يؤدي رفع آخر في أسعار الفائدة إلى مزيد من الانكماش الاقتصادي. وتحوطا من هذا السيناريو، لفت رجال أعمال، خلال المحادثات، إلى أن العديد من الشركات تخفض التكاليف، وفي بعض الحالات تسرح عمالا.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة استشارات مجموعة أوليفر وايمان، نيك ستودر، الذي حضر اجتماعات دافوس لسنوات، واصفا توقعات المستثمرين وأجوائهم خلال المؤتمر بـ"المزاج كئيب"، وتابع أنه "في الوقت عينه، يأمل كثيرون، أن يكون الركود، في حال حصل، قصير ومنخفض".
ويشير المسؤولون التنفيذيون في المؤتمر إلى أنهم "يستعدون لاحتمالية الركود منذ شهور، حتى مع بقاء الإنفاق الاستهلاكي مرتفعا، واستقرار معدل البطالة عند مستوى تاريخي منخفض يبلغ 3,5 في المئة خلال ديسمبر".
وتشير "وول ستريت جورنال" إلى أن "التشاؤم الذي بدأ عام 2022 جراء الزيادات السريعة في أسعار الفائدة وتوقعات حصول ركود اقتصادي ربما تنحسر".
وقال وزير الخزانة الأميركي السابق، لاري سمرز، إنه بات ينظر "بطريقة أقل تشاؤما بشأن قرارات الاحتياطي الفيدرالي"، مضيفا أن "الحاضرين في دافوس متفائلين لكنهم غير مقنعين بذلك"، وأنه من أجل خفض التضخم، سيكون الركود الاقتصادي ضروريا.
وقال إن العالم خلال العام 2022 تجنب أيضا بعض المشكلات التي كانت محتملة، مثل انقطاع الطاقة على نطاق واسع في أوروبا، وتجاوز أسعار النفط الـ150 دولارا للبرميل، وانتشار متغير جديد من فيروس كورونا الذي كان بإمكانه أن يشل المجتمع، حسب وول ستريت جونال.
وقالت النائبة الأولى للمدير العام لصندوق النقد الدولي، غيتا غوبيناث، إن الأداء الاقتصادي في كل من الولايات المتحدة وأوروبا كان مفاجأ كونه اتجه صعوديا منذ أكتوبر.
ومع ذلك، قالت إن الأمر سيستغرق المزيد من الوقت قبل "يزول القلق بشأن مسار التضخم".
وأضافت أن صندوق النقد الدولي يعتقد في الوقت الحالي أن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ستظل عند نحو 5 في المئة خلال العام 2023.
وحسب فايننشال تايمز، عززت البيانات الإيجابية من أوروبا والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة الآمال بأن الاقتصاد العالمي سوف يتجنب الركود هذا العام. وقال المستشار الألماني، أولاف شولز، لبلومبرغ إن أكبر اقتصاد في منطقة اليورو سيتجنب الركود. في حين تشير التقديرات إلى أن المقياس الشهري لمعنويات المستثمرين أصبح إيجابيا للمرة الأولى منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، حسب فايننشال تايمز.
وسلط رئيس بنك جيه بي مورغان الاستثماري، دانيال بينتو، الضوء على مرونة الاقتصاد العالمي. وقال: "لقد مررنا بفترة حرب ووباء وتشديد كبير للسياسة النقدية في التاريخ. وبالنظر إلى كل ذلك، تبقى الأوضاع أفضل بكثير مما كنا نتوقعه".
في حين أن الانكماش الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة لم يعد سيئا كما كان يُخشى، فقد تباطأ النمو الصيني، حيث سجلت بكين معدلا "مخيبا للآمال" بنسبة 3 في المئة لعام 2022، حسب "فايننشال تايمز".
لذلك حذرت غوبيناث من أن عام 2023 سيكون "عاما صعبا"، رغم المؤشرات الإيجابية، وقالت إنه مع استمرار ارتفاع التضخم، يتعين على البنوك المركزية أن "تواصل المسار" مع ارتفاع أسعار الفائدة حتى ينخفض التضخم بشكل مستدام.
ومن جهتها، قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، الثلاثاء، إنه من المتوقع أن يبلغ تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي مداه في عام 2023 رغم استمرار الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الفائدة.
وأكدت جورجيفا في كلمة أمام لجنة بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس توقعات صندوق النقد الدولي بأن يتباطأ النمو العالمي إلى 2,7 في المئة هذا العام نزولا من نحو 3,2 في المئة العام الماضي.
وقالت: "نستقبل بالفعل منذ بداية العام بعض الأخبار الجيدة. ونتوقع أيضا أن يصل تباطؤ النمو في عام 2023 إلى أقصى مستوياته ليبدأ بعد ذلك عملية نصعد فيها ولا نهبط"، وفق رويترز.
وأضافت جورجيفا أن التحديات الثلاثة الرئيسية هي الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار الفائدة لمستوى غير مسبوق منذ عقود. وأضافت أنه يتعين على العالم التكيف بذكاء لتحقيق المزيد من أمن الإمدادات.
المصدر: مواقع إخبارية