قصة "فقاعة" ابتلعت 8 مليارات دولار بأقل من عام
اسطنبول-اقتصاد تركيا
شهدت سوق الرموز غير القابلة للاستبدال (أن أف تي) ضربة كبيرة خلال العام 2022، فمن سوق كان حجمها 9,7 مليارات دولار، باتت خلال الفصل الأخير من هذا العام عند 1,3 مليار دولار، بفارق سلبي تجاوز الـ8 مليارات دولار.
والرموز غير القابلة للاستبدال هي أنواع جديدة من الأصول الرقمية وتمثل ملكية شيء فريد ونادر، من خلال ترميزه، حتى تصبح أشياء مشفرة مبنية على البلوكشين وتحمل رموز تعريف خاصة وبيانات تميزها عن بعضها.
ووفق رسم بياني نشرته فرانس برس، يتبين حجم الخسارة التي وقعت في عالم الرموز غير القابلة للاستبدال خلال العام 2022، وذلك من خلال دراسة حجم هذه الرموز على منصة إيثيريوم.
وبعد الفورة في ديسمبر ويناير، بدأت السوق بالتراجع بدءا من فبراير، حتى أتى قرار الاحتياطي الفيدرالي في مارس 2022 للحد من التضخم ليُغيّر المعادلة.
وما حصل أنه في أبريل 2022، تراجع سعر أول تغريدة لمؤسس تويتر جاك دورسي بأكثر من 99 في المئة، إلى 6800 دولار بعد أن بيعت خلال العام 2022 كرمز غير قابل للاستبدال مقابل 2,9 مليون دولار.
وبدأ منذ أبريل حجم سوق الرموز غير القابلة للاستبدال بالتراجع، وما زاد من حدة الانخفاضات انهيار العملات المشفرة بين مايو ويونيو 2022.
إلى أن وصلنا للفصل الرابع من العام 2022، وحتى 8 ديسمبر، حيث بلغ حجم التداول 1,3 مليار دولار مقارنة بالفصل الرابع السابق الذي بلغ 9,7 مليارات دولار.
فهل يمكن القول إن الرموز غير القابلة للاستبدال فقاعة انفجرت إلى غير رجعة؟
أسباب التراجع
يذكر موقع صندوق النقد الدولي أنه، في مايو 2021، باع الفنان مايك وينكلمان لوحته الفنية التي حوّلت إلى رمز غير قابل للاستبدال، وحصلت عملية البيع ذائعة الصيت عن طريق دار كريستيز للمزادات مقابل 69 مليون دولار، حيث ارتفعت معاملات الرموز غير القابلة للاستبدال ارتفاعا حادا لتصل إلى نحو 17 مليار دولار في ذلك العام.
وقال بينالبا "في البداية، كان المهم هو التواجد والاستثمار المبكر".
غير أن مبيعات الأعمال الفنية والموسيقية الرقمية وغيرها من الرموز غير القابلة للاستبدال "أن أف تي"، قد هبطت بنحو 92 في المئة في الفترة من يناير إلى مايو 2022 مع تغير مزاج السوق، وذلك وفقا لشركة NonFungible، وهي شركة بيانات "بلوك تشين" تأسست عام 2018، حسب ما أورد الصندوق.
وضمن هذا الإطار يقول خبير الأسواق المالية، نديم السبع في حديث لموقع "الحرة" إن "ما حصل في أسواق الـ(أن أف تي)، والعملات المشفرة، هو أنها وصلت إلى قمتها خلال ديسمبر 2021، ويناير 2022، فحينها كانت تصريحات الفدرالي الأميركي بشأن التضخم مطمئنة، وفكان يشير إلى أن التضخم لن يدوم".
وتابع السبع أن "الفدرالي بدأ يغير نظرته في فبراير، عندها أعلن أن التضخم سيستمر، وأنه سيتخذ الخطوات المناسبة لمحاربته، من خلال رفع معدلات الفائدة، وكان أول رفع للفائدة في مارس".
وشرح أن الـ"أن أف تي، هي أصول ذات درجات أخطار مرتفعة، وتاليا، سرعان ما تتأثر برفع معدلات الفائدة وبالذعر الذي يحصل في الأسواق"، موضحا أن "الدولار الأميركي منذ أن بدأ الفيدرالي برفع مستويات الفائدة، واستجدت الحرب الروسية على أوكرانيا، بات الملاذ الآمن، ورأينا أن الأصول الرقمية، مثل الـ(أن أف تي) والعملات الرقمية، تراجعت".
وقال السبع إنه "يجب الالتفات إلى أن الارتفاعات التي حصلت في العملات الرقمية والرموز غير القابلة للاستبدال والكميات الكبيرة من هذه الرموز التي ضخت في الأسواق كانت غير منطقية، وتاليا، السوق كان يتجه أصلا نحو الانهيار بعد تهافت كبير على العرض والشراء، فبدأ مستثمرون كثر بالتخلي عن هذه الأصول".
الرموز غير القابلة للاستبدال كانت تهدف في البداية أن الشخص يشتري شيئاً مميز ونادر في العالم، من خلال إدراجه في البلوكتشين وذكر اسم مالكه على البلوكتشين.
مثل رسمة الموناليزا التي يملكها متحف اللوفر، وغيرها.
من جهته، قال محلل العملات الرقمية، نادر الديراني، في حديث لموقع "الحرة" إن "بعض المنصات كي تزيد أرباحها، بدأت تبتكر رموز غير مميزة من خلال تحوير الأشياء في العالم الحقيقي والتعديل عليها. ومن هنا انحدرت الفكرة نحو صور ليس لها أي قيمة فعلية وإدراجها في البلوكتشين".
وشرح الديراني أن ما زاد رواج هذه الصور التي لا قيمة فعلية لها هو سباق المشاهير لشرائها، قائلا "إنه لذلك باتت الرموز غير القابلة للاستبدال فقاعة لا تقدم أي قيمة، وابتعدت عن الهدف الأساسي منها".
ومن الأسباب التي أدت أيضا إلى انهيار الرموز، حسب السبع، هي انهيار منصات العملات الرقمية، فبعد الحديث عن الركود، والتضخم ورفع الفوائد، بدأت منصات بلوكشين كبيرة بالانهيار.
وتابع السبع أن الـ"أن أف تي تُشترى بالعملات المشفرة، وعندما تنهار العملات المشفرة ستلاقيها الـ(أن أف تي) أيضا بالهبوط".
هل انفجرت سوق الرموز غير القابلة للاستبدال؟
أكد السبع أنه "لا يمكن الجزم أن سوق الـ(أن أف تي) انتهت بشكل كلي، لكن وضعها حرج الآن، وهناك مستثمرون بالـ(أن أف تي) خسروا ما يصل إلى 99 في المئة من أموالهم".
وأشار إلى أن "الاستثمار في عالم الـ(أن أف تي) فيه أخطار مرتفعة، ومن غير المعروف إلى أين تتجه الأمور".
وسأل السبع كل من اشترى رموزا غير قابلة للاستبدال، "ما هي الإفادة التي جنيتها من شراء هذه الرموز؟".
وختم أن "سوق الـ(أن أف تي) لم تثبت أنها ملاذ آمن، ولا أنه يمكن من خلال هذه الرموز التحوط من التضخم، ولم تثبت أنها استثمار فيه استقرار على المدى البعيد. لذلك يمكن القول إن سوق الـ أن أف تي في العناية الفائقة، وأن حجمها سينخفض بشكل حاد أكثر".
من جهته أكد الديراني أن سوق الرموز غير القابلة للاستبدال انفجرت"، وأن قرار الفدرالي الأميركي برفع معدلات الفائدة أدى إلى الهروب من السلع ذات الأخطار المرتفعة نحو الأصول الآمنة التي تنتج أرباحا".
المصدر: الحرة