هل اعتزال الناس يشعرك بالراحة؟ إليك أضرار العزلة الاجتماعية

العزلة الاجتماعية

العزلة الاجتماعية

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

الشعور بالوحدة ثقيل وله أضرار، بعضها لا يستهان به، فبالإضافة إلى أن الوحدة تسبّب شعورا نفسيا ثقيلا قد يصيب بالقلق وربما الاكتئاب فقد تكون لها أيضا أخطار صحية، إذ كشفت دراسات حديثة أن الوحدة قد تكون أسوأ من التدخين، وأحيانا قد تنجم عنها أخطار صحية تضاهي السمنة، كما قد تكون سببا في تسريع الشيخوخة.

الوحدة تعجل بالشيخوخة

الشعور بالوحدة والتعاسة قد يسرّع الشيخوخة أكثر من التدخين، وفق دراسة حديثة نشرت نتائجها في سبتمبر/أيلول 2022، في مجلة "إجنيغ" (Aging) المتخصصة بكل ما يعزز علاج الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.

وحسب الدراسة، تسرع الوحدة والتعاسة واليأس زحف العمر نحو الشيخوخة بما يصل إلى عام و8 أشهر، وهذا أكثر بـ5 أشهر مما يسببه التدخين.

ودرس الباحثون 12 ألفا من البالغين الصينيين في منتصف العمر وكبار السن، ووجدوا أن ثلثهم كانوا مصابين بأمراض أساسية، مثل أمراض الكبد والرئة والسرطان والسكتة الدماغية.

وقد استُطلعت آراء المشاركين حول عوامل، مثل التركيبة السكانية والبيئة الاجتماعية والظروف النفسية، وما إذا كانوا مدخنين حاليا. كما استخدم الباحثون عينات الدم والبيانات الطبية لإنشاء نموذج من شأنه أن يخبرهم عن العمر البيولوجي للمشاركين (عندما يكون العمر البيولوجي للشخص أكبر من عمره الفعلي فهذا يعني أنه يصل إلى الشيخوخة في زمن أسرع).

وقد قارن الباحثون نتائج اختبارات المشاركين بأعمارهم وجنسهم، لمعرفة العوامل التي جعلت الناس يشيخون أسرع، وتبيّن أن الشعور بالوحدة أو التعاسة هو العامل الأكثر أهمية للانحدار السريع، إذ يزيد عمر بيولوجي واحد بمقدار 20 شهرا، ثم يليه التدخين بإضافة نحو سنة و3 أشهر إلى عمر الإنسان.

بينما كانت هناك عوامل أخرى تشارك في زيادة التدهور البيولوجي، فعامل الذكورة أضاف 5 أشهر إلى عمر الشخص، والذين يعيشون في منطقة ريفية حيث لا تتوفر الخدمات الطبية أضيفت 4 أشهر إلى أعمارهم، ومن لم يتزوج أبدا فقد زاد على عمره ما يقرب من 4 أشهر.

واستنتج الباحثون أن المكوّن النفسي له تأثير لا ينبغي تجاهله في دراسات الشيخوخة والعمر البيولوجي. فقال فيدور جالكين، المؤلف المشارك في الدراسة، إن "النتائج الأساسية (للدراسة) هي أن جسدك وروحك مرتبطان"، بينما قال مانويل فاريا المؤلف المشارك في الدراسة والباحث بجامعة ستانفورد "تعدّ الحالات العقلية والنفسية من أقوى مؤشرات التنبؤ بالنتائج الصحية"، وذلك وفق ما نقلته صحيفة "نيويورك بوست" (New York Post) الأميركية.

ولأن الدراسة نظرت فقط في بيانات الأشخاص من منتصف العمر إلى كبار السن، فمن غير الواضح إذا كانت النتائج ذاتها تنطبق على الفئات الأصغر سنا أيضًا.

الوحدة تعادل تدخين 15 سيجارة في اليوم

وفقا للمعهد الأميركي للشيخوخة، فإن المخاطر الصحية للعزلة المطولة تعادل تدخين 15 سيجارة في اليوم، وهو ما أكده الدكتور ديفيد روبنسون استشاري طب الشيخوخة في مستشفى سانت جيمس في مدينة دبلن بأيرلندا. كذلك ربط الوحدة بالاكتئاب وجميع الدلالات السلبية لهذه الحالة، مثل انخفاض النشاط البدني والاجتماعي، مؤكدا أن كلا منهما يزيد من خطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة، حسب ما نقله عنه موقع "آيرش تايم" (Iresh Time).

أضرار الوحدة تنافس السمنة

قال دوغلاس نيميسك، كبير المسؤولين الطبيين للصحة السلوكية في شركة التأمين والرعاية الصحية الأميركية "سيغنا" (Cigna)، إن الوحدة قد تكون أكثر خطورة من السمنة، مشيرا أيضا إلى تأثيراتها على زيادة معدل الوفيات، مثل تدخين سيجارة يوميا.

في عام 2017، ربط بحث أُعلن في المؤتمر السنوي لجمعية علم النفس الأميركية بين الوحدة والعزلة الاجتماعية وعدد من المخاطر الصحية. واستشهدت الورقة البحثية بتحليل بيانات أول 148 دراسة، متتبعة آثارها على صحة الإنسان وشملت نتائج أكثر من 300 ألف مشارك، وجدت أن التواصل الاجتماعي الأكبر يرتبط بقلة احتمالات الوفاة المبكرة بنسبة 50%.

ووجد البحث الثاني الذي شمل 70 دراسة، تمثل أكثر من 3.4 ملايين شخص، أن عامل العزلة الاجتماعية، أو الشعور بالوحدة أو العيش وحيدا، زاد من فرصة الوفاة المبكرة على الأقل مثل السمنة، مع تزايد الشيخوخة، كما توقعت نتائج البحث أن يزداد التأثير على الصحة العامة للشخص، وفق موقع "ويب مد" (Web MD) الطبي.

أضرار أخرى للعزلة الاجتماعية

ووجدت دراسة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو الأميركية أن البقاء بمفردك معظم الوقت قد يسهم في انخفاض القدرة على أداء المهام اليومية، إذ كان 59% ممن شملتهم الدراسة أكثر عرضة ليجدوا المهام اليومية، مثل صعود السلالم أو المشي، أكثر صعوبة.

كما قد تضر العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة بصحة الدماغ، إذ تم ربطهما بضعف الوظيفة الإدراكية وزيادة خطر الإصابة بالخرف (بنسبة تبلغ 50%)، بما في ذلك مرض الزهايمر.

ويعاني الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة من ألم عاطفي، ويمكن لفقدان إحساس الاتصال بالمجتمع أن يغير الطريقة التي يرى بها الفرد العالم، كما يمكن أن يشعر الشخص الذي يعاني من الوحدة المزمنة بالضعف وعدم الثقة بالآخرين.

وقد ينشّط الألم العاطفي استجابات الإجهاد ذاتها في الجسم مثل الألم الجسدي، وعندما يحدث على مدى فترة طويلة من الزمن يمكن أن يؤدي إلى التهاب مزمن وانخفاض في المناعة يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وفق موقع جامعة "نيو هامبشاير" (New Hampshire) الأميركية.

المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية

×