تركيا تواجه معضلة تعديل بوصلة سوق الإسكان

96 في المئة نسبة ارتفاع أسعار المنازل بتركيا منذ فبراير 2021

96 في المئة نسبة ارتفاع أسعار المنازل بتركيا منذ فبراير 2021

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

اسطنبول-اقتصاد تركيا

تكافح تركيا مع الزيادة المذهلة في الإيجارات وأسعار المنازل، التي ارتفعت بشكل مقلق خلال الفترة الماضية وسط موجة من المشترين في الخارج، لاسيما أولئك الذين فروا من الحرب في أوكرانيا لوضع ضوابط لتعديل بوصلة سوق الإسكان.

ويقول محللون إن الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس رجب طيب أردوغان الاثنين الماضي، هي محاولة قد لا تأتي بنتائج تذكر لتفادي الآثار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العميقة التي قد تخلفها أزمة الإسكان على المدى القريب.

وعرض الرئيس التركي بضعة تدابير للتصدي لزيادات حادة في أسعار العقارات، بينما يواجه السكان صعوبة في العثور على منازل بأسعار معقولة للإيجار أو الشراء بعد أزمة العملة العام الماضي.

 

ولطالما اعتمد الرئيس التركي وحكومته على قطاع البناء والإنشاءات باعتباره القوة الدافعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي، ولكن خلال السنوات الأخيرة تعثر  القطاع رغم المؤشرات الرسمية التي تشير إلى أنه في حالة استقرار.

ومع تراكم معروض المساكن غير المباعة وقلة من يملكون القدرة على شراء المنازل بسبب منغصات التضخم بسبب الأزمة الصحية ثم تداعيات الحرب في أوكرانيا، تكافح الحكومة لإنعاش القطاع من خلال توفير قروض عقارية بأسعار فائدة مخفضة.

وقفزت أسعار المساكن على مدار الاثني عشر شهرا الماضية يغذيها تضخم وصل إلى 70 في المئة بنهاية الشهر الماضي وأيضا تزايد السكان المحليين بالإضافة إلى تدفق مطرد للمهاجرين.

والأهم من ذلك هو تقهقر العملة المحلية إذ انخفضت الليرة الثلاثاء بواقع 0.4 في المئة أخرى مقابل الدولار لتواصل خسائرها في اليوم السابق وتعود إلى أدنى المستويات التي سجلتها في أواخر ديسمبر الماضي بعد سلسلة من التخفيضات في أسعار الفائدة.

ومتحدثا بعد اجتماع لمجلس الوزراء، قال أردوغان إن “قروضا رخيصة للإسكان ستقدم إلى الذين يحولون مدخراتهم بالعملة الأجنبية إلى الليرة أو يبيعون ما لديهم من ذهب إلى المركزي للاستخدام في شراء مساكن تصل قيمتها إلى مليوني ليرة (131 ألف دولار)”.

وتحث أنقرة الأفراد والشركات على تحويل مدخراتهم بالعملة الأجنبية إلى الليرة في أعقاب أزمة العملة التي أثارتها سلسلة تخفيضات غير تقليدية في أسعار الفائدة.

ويعتقد أردوغان أن الإجراء بشأن قروض المساكن سيدعم مسعاه للارتداد عن اتجاه مستمر منذ سنوات نحو الدولرة.

وأكد أن حكومته “تهدف إلى تشريع استكمال مشاريع قيد التشييد وزيادة المعروض من المساكن في الأجل القصير وبالتالي دفع الأسعار نحو الاستقرار”.

وتظهر البيانات أن سلسلة التوريد الخاصة بالعقارات التركية معطلة. ووفقا لمؤشر أسعار المساكن الذي أعده البنك المركزي، ارتفع سعر شراء منزل بنسبة 96 في المئة منذ فبراير 2021 في عموم تركيا بينما قفز إلى أكثر من 106 في المئة بمدينة إسطنبول.

لكن دراسة سوق الإسكان التركي الصادرة الشهر الماضي عن مركز جامعة بهجيشهر للبحوث الاقتصادية والاجتماعية قدرت الزيادة السنوية في أسعار المنازل بـ134 في المئة.

ومطلع هذا الشهر، أشار مؤشر أسعار المساكن الصادر عن مديرية الإحصائيات التابع للمفوضية الأوروبية (يوروستات) أن الزيادة السنوية في أسعار المنازل في تركيا كانت 60 في المئة ما يعادل ستة أضعاف المتوسط الأوروبي.

وساعدت طفرة في استثمارات التشييد والبناء بالسوق المحلية في قيادة النمو الاقتصادي منذ أن تولى أردوغان السلطة قبل عقدين من الزمن.

وقامت الحكومة في 2020 بمحاولة لتنشيط مبيعات الإسكان عن طريق خفض قيمة المشتريات العقارية التي تسمح للأجانب بالشراء.

وشهدت تركيا ثورة في الطلب المحلي والخارجي على العقارات خاصة السكنية منها، بفعل تعديل قانون التملك في البلاد في 2018، الذي يتيح الحصول على الجنسية التركية مقابل شراء عقار سكني بقيمة تبدأ من 250 ألف دولار.

وتضاعفت مشتريات المنازل من قبل الأجانب إلى ما يقرب من 46 ألف وحدة سكنية، وكان الإيرانيون والعراقيون هم المشترون الأكثر شيوعا.

لكن في ديسمبر الماضي قفزت المبيعات للأجانب بنسبة 50 في المئة تقريبا وكان العديد من المشترين الجدد من الروس والأوكرانيين.

ونظرا إلى هذا الاتجاه باعتباره فرصة وليس تأثيرا مأسويا للحرب، زادت الحكومة في أبريل الماضي من عتبة الحصول على الجنسية إلى 400 مليون دولار.

وأثناء الجائحة تعرض قطاع البناء إلى الركود، ما تسبب في ندرة العقارات التي يمكن شراؤها فيما أدت الأزمة الاقتصادية إلى زيادة أسعار مواد البناء مثل الإسمنت، مما زاد تباطؤ بناء المنازل الجديدة.

وبينما تقدم البنوك قروضا سكنية تصل مدتها إلى عشرين عاما بسعر فائدة يتراوح بين 1.2 و1.8 في المئة لكن وتيرة أسعار المنازل تسارعت بسبب زيادة الطلب ونقص العرض.

وعلى سبيل المثال كان متوسط تكلفة الشقة المكونة من غرفتي نوم بمنطقة أتاشهير في إسطنبول العام الماضي نحو 3500 ليرة شهريا (240 دولارا) أما الآن فتكلفتها تبلغ 590.7 دولار شهريا.

ويبلغ متوسط الراتب الشهري للفرد التركي نحو 8300 ليرة (544 دولارا)، وهو ما لا يكفي للحصول على قرض سكني وبالكاد يكفي لدفع الإيجار.

وبالنسبة إلى معظم الأتراك، فإن شراء منزل أمر غير وارد الآن، لكن الإيجار يمثل مشكلة أيضا حيث بلغ متوسط زيادة الإيجار منذ بداية هذا العام بواقع 19.6 في المئة.

وبالمقارنة، فقد ارتفعت الإيجارات بنسبة 1.3 في المئة فقط في الاتحاد الأوروبي بنهاية العام الماضي.

ووضع النظام الفضفاض للسوق المستأجرين الأتراك في مأزق كبير إذ أن أصحاب العقارات يستفيدون من القوانين الحالية ويزيدون الإيجارات على النحو الذي يرونه يصب في صالحهم. وعلاوة على ذلك، يبحث الملاك عن تأجير ممتلكاتهم للأجانب.

 

المصدر: مواقع الكترونية

×