هل تشكل اللجنة الاقتصادية نقلة في العلاقات البحرينية التركية؟

المنامة-اقتصاد تركيا

تحرص قيادة البلدين في تركيا والبحرين على تطوير العلاقات السياسية، وتنمية الجوانب التجارية والاستثمارية؛ لتعزيز حجم التجارة البينية بين البلدين، والتي حققت أرقاماً متميزة خلال السنوات الماضية.

وفي هذا الإطار أفادت مصادر دبلوماسية في وزارة الخارجية التركية، (30 يناير 2022)، أنه تقرر عقد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين تركيا والبحرين في مارس المقبل.

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن المصادر، أن القرار اتُّخذ خلال لقاء وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو مع نظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني في العاصمة المنامة.

وأضافت أن تشاووش أوغلو والزياني تناولا خلال اللقاء سبل تعزيز العلاقات التجارية بين الجانبين، كما التقى المسؤول التركي، في وقت لاحق، ولي العهد سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة.

تسهيل التأشيرات

وفي وقت سابق تحدث وزير الخارجية التركي، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البحريني، عن تحسين العلاقات مع جميع دول الخليج العربي، كما أشار إلى تعزيز التعاون في الاقتصاد والتأشيرات البحرينية الممنوحة للمواطنين الأتراك.

جاء ذلك خلال زيارة لأنقرة أجراها وزير الخارجية البحريني في 17 نوفمبر 2021؛ لإجراء مباحثات مع نظيره التركي، حيث بحث الطرفان تعزيز التعاون بين البلدين في عدد من المجالات.

وجاء اللقاء في إطار الحوار الاستراتيجي بين البحرين وتركيا، على مستوى وزارتي الخارجية، كما جرى تسليم الدورة العادية لرئاسة الحوار الآسيوي.

من جانبه، تعهد الزياني بتسهيل عملية منح تأشيرات البحرين للمواطنين الأتراك، خلال الفترة المقبلة، مؤكداً توطيد العلاقات بين شعبي البحرين وتركيا.

وقال الزياني إن العاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، كلفه بنقل رسالة خطية منه إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

توسيع التجارة

والتقى رجال أعمال بحرينيون مع نظرائهم الأتراك بإسطنبول، في أكتوبر الماضي، بهدف تقييم الفرص المتاحة للارتقاء بالعلاقات التجارية بين البلدين.

وبحسب ما ذكرته وكالة الأناضول، اجتمع رجال أعمال من كلا البلدين على مأدبة عمل نظمها مجلس الأعمال التركي-البحريني في إسطنبول، وحضرها رئيس جمعية رجال الأعمال البحرينية أحمد بن هندي، الذي أكد أن حجم التجارة بين البلدين ارتفع إلى مستوى 500 مليون دولار.

وقالت رئيسة مجلس الأعمال التركي البحريني، التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا، بيلغون غوركان، إن رجال الأعمال البحرينيين يرغبون في القيام بأعمال في قطاعات مختلفة.

ولفتت غوركان إلى أن الجانب البحريني أبدى اهتماماً بلقاء ممثلي الشركات العاملة في قطاعات البرمجة، والسيارات، والأغذية والتكنولوجيا وغيرها.

كما أشارت إلى أن رجال الأعمال البحرينيين واصلوا محادثاتهم مع الشركات التركية في قطاعات الأثاث والمنسوجات، موضحةً أن الوفد البحريني تجوَّل في عدة مدن تركية قبل زيارة إسطنبول.

وأعربت عن سعادتها بالأنباء التي سمعتها من رجال الأعمال البحرينيين بشأن حل مشكلة التأشيرات المتواصلة منذ عامين.

وأوضحت أن البحرين لم تكن تمنح تأشيرات للأتراك خلال الفترة الماضية، إلا أن العاهل البحريني تعهد بحل المشكلة خلال لقائه السفيرة التركية في المنامة أسين تشاقل، قبل عدة أسابيع.

ولفتت إلى أن رجال الأعمال البحرينيين أكدوا أن مشكلة التأشيرات قد حُلت، كاشفةً أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 379 مليون دولار عام 2020، مؤكدةً ضرورة زيادة الرقم.

تنمية العلاقات

يقول رئيس جمعية رجال الأعمال البحرينية أحمد بن هندي، إن المبادلات التجارية بين دول الخليج العربية وتركيا بقيت متواضعة حتى مطلع الألفية الجارية، غير أنها بدأت تشهد بعض النمو في عدد من المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في السنوات الخمس الأخيرة، وسوف ينعكس على جميع أسواق الخليج العربية بشكل إيجابي؛ لما لتركيا من علاقات تجارية متقدمة جداً مع منظومة الدول الأوروبية.

ويشير "بن هندي" في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن البحرين تعتبر من أصغر أسواق دول الخليج، ولكن على الرغم من ذلك، فإنها تعتبر من الدول الاستراتيجية التي تبحث كثير من الدول أن تجعلها محطة لاستثماراتها وصادراتها.

وينوه إلى أن تعزيز العلاقات التجارية بين مملكة البحرين وتركيا سوف ينعكس إيجاباً على خلق فرص استثمارية وتجارية كبيرة وواعدة، حيث تعمل الجمعية على تعزيز هذه العلاقات التي اتخذت شكلاً رسمياً عقب زيارة وزير الخارجية التركي للبحرين، وتعمل كذلك على زيادة حجم التبادل التجاري ورفعه إلى مستويات أعلى مما كانت عليه إبان جائحة كورونا.

ويلفت رئيس جمعية رجال الأعمال البحرينية إلى أن اللجنة عززت العلاقات القديمة القائمة بين البلدين منذ 1973، حيث بلغ عدد زيارات الوفود الفاعلة 29 زيارة رسمية بين البلدين، تم خلالها توقيع 15 اتفاقية تعاون و27 مذكرة تفاهم، وبلغ حجم التبادل التجاري 477 مليون دولار أمريكي، العام الماضي، مقارنة بنحو 414 مليون دولار أمريكي في عام 2020.

ويؤكد "بن هندي" حرص البلدين على تنمية التبادل التجاري إلى آفاق أرحب، خاصة في القطاع المصرفي والمالي، الذي يشكل قطاعاً ذا حيوية وأهمية خاصة، في العلاقات بين البحرين وتركيا، حيث كانت تركيا محط الاستثمار المصرفي البحريني، وذلك من خلال الوحدات المالية النشطة التي أسستها مجموعة البركة المصرفية في تركيا.

توجه خليجي

بدوره يرى المحلل السياسي سعد راشد، أن المنامة جزء من الكيان الخليجي، وتأتي خطواتها ضمن توجه مجلس التعاون إلى فتح آفاق مع جميع الدول، ومن بينها تركيا.

ويضيف "راشد" في حديثه لموقع "الحرة" في 22 نوفمبر الماضي، أن تركيا لديها كثير من الفرص الاستثمارية وكذلك لديها كثير من التقنيات العسكرية التي تحتاجها البحرين، خصوصاً الطائرات المسيرة.

ويؤكد أن "هناك رؤية واضحة للجانبين في الاستفادة من الخبرات المتبادلة، وكذلك الخبرة التركية في مجال الزراعة وغيرها من المجالات"، معرباً عن أمله، خلال الفترة المقبلة، "أن نشهد مزيداً من العلاقات، خصوصاً في الجانب الأمني".

من جهته يرى الباحث التركي مهند حافظ أوغلو، أن "التغير في السياسة الخارجية لدول الخليج حيال تركيا يرتبط بقدوم إدارة بايدن إلى البيت الأبيض قبل أكثر من عام".

ويوضح بالقول إن "هذا القدوم انعكس بالسلب، ودفع الدول الخليجية إلى البحث عن تحالفات جديدة وارتباطات تضمن لها بعض القوة والدور في عديد من الملفات، وإن كانت البدايات من البوابة الاقتصادية".

تعاون مشترك

وكان رجال أعمال من تركيا والبحرين قد بحثوا في مارس 2021، فرص التعاون المشترك؛ لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

ونقلت وكالة "الأناضول" عن نائل أولباك، رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي (DEİK)، خلال "اجتماع الأعمال المترابط بين تركيا والبحرين"، الذي انعقد عبر الاتصال المرئي، أن هناك كثيراً من الشركات التركية التي تستثمر بالبحرين حالياً، معرباً عن أمله أن يرتفع عدد تلك الشركات في المستقبل.

ولفت أولباك إلى أنه تم التركيز على قطاع الغذاء والصحة، مشيراً إلى أن الطلب على الحلول الرقمية في ظل أزمة كورونا قد ازداد، واكتسبت قضايا سلاسل التوريد، والاستدامة، وإمكانية الوصول، أهمية أكبر.

بدورها، قالت بيلغون غوركان، رئيسة مجلس الأعمال التركي-البحريني: إن "حجم التجارة بين البلدين قد انخفض إلى حد ما بسبب كورونا، لهذا السبب نرى إمكانات كبيرة في مجال الغذاء والصحة، وسنركز على بحث سبل التعاون في هذه المجالات".

وذكرت أن اقتصاد البحرين متطور للغاية بالنسبة للمستثمرين الأجانب، مشيرة إلى "أنها واحدة من أكثر البلدان أماناً في المنطقة، وتوفر كثيراً من المزايا التي تُمكّن عالَم الأعمال التركي من القيام باستثمارات فيها".

المصدر: الخليج أون لاين