أجمل غروب وشروق بالعالم صنفته اليونسيف.. ببلد عربي

في سلسلة جبلية بركانية تعود إلى أزمان غابرة تقع سلسلة جبال الهقار بولاية تمنراست

في سلسلة جبلية بركانية تعود إلى أزمان غابرة تقع سلسلة جبال الهقار بولاية تمنراست

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

الجزائر-اقتصاد تركيا

مع اقتراب نهاية السنة، تتحوّل مدينة تمنراست جنوب الجزائر إلى قبلة للسياح المحليين والأجانب الذين يزورونها للاستمتاع بظاهرة تعاقب الليل والنهار. فانتظار شروق الشمس وغروبها في المنطقة له مُتعة خاصة في تلك البيئة الساحرة العذراء.

تامنغست، التي تُنطق بهذا الشكل محلياً، هي ذلك العالم الشاسع الذي يأخذ الزائر ليكتشف أسرار الطبيعة في عاصمة الهقار بالجزائر، التي تقعُ على مسافة 1981 كلم جنوب الجزائر العاصمة على ارتفاع 1380 مترا فوق سطح البحر.

مسالك وجبال شاهقة

هذه المنطقة التي تزيد مساحتها عن نصف مليون كيلومتر مربع، وهي أكبر المحافظات الجزائرية، شهدت أقدم الحضارات الإنسانية، وفي سلسلة جبلية بركانية تعود إلى أزمان غابرة، تقعُ سلسلة جبال الهقار التي يرجع عمرها إلى ما قبل 12 ألف سنة، وتضم قمة "تاهات أتاكور" التي يزيد علوها على 3 آلاف متر.

وفي هذا المكان الساحر، يمكن للزائر أن يشاهد أجمل الممرات في العالم المعروفة بممر "أسكرام"، نسبةً إلى هضبة "أسكرام"، التي ترتفع عن سطح البحر بـحوالي 2800 كم، وتقع فوقها صومعة الراهب "شارل دو فوكو" الذي اعتكف فيها لسنوات طويلة قبل أن يُقتل سنة 1916 ولا يزال يسكنها عدد قليل من الرُهبان.

تبعد "أسكرام" عن مدينة تمنراست بحوالي 80 كم، والصعود للقمة لا يكون إلا برفقة دليل سياحي يعّرف المنطقة جيداً وباستئجار سيارة رباعية الدفع لاستكمال الرحلة التي تحفُّها معالم ومحطات للفن الصخري تعود إلى فترات ما قبل التاريخ، وهذا يدّل على أنّ الإنسان سكن هذه المواقع في الأزمنة القديمة.

ويتهافت المغامرون الأجانب إلى القمة مع اقتراب غروب الشمس وسط صخور قرميدية ليتمتعوا بلوحة فنية مرسومة بعناية فائقة. هناك تصمت الألسن عن الكلام، لتأخذ مكانها آلات التصوير والكاميرات المعلقة على صدور السياح والهواتف الذكية التي لا تتوقف عن توثيق لحظة من لحظات إعجاز الخالق.

بعد غروب الشمس، ومع انتصاف الليل تتراجع درجات الحرارة، لتفّسح المجال أمام ألسنة النار ليتجمع حولها ضيوف قمة "أسكرام" في قلب الصحراء طلباً للأنس والدفء، على كؤوس الشاي لاكتشاف أسرار المنطقة والتعرف على قصصها من سُكان مجتمع الطوارق البسطاء والكرماء في نفس الوقت، ومن القصص، تلك التي تروي قصة ملكتهم تين هينان التي سادت وحكمت قبل قرون خلت، في انتظار طلوع الفجر للتمتع بالفصل الثاني من جمال المشهد وهو شروق الشمس.

شهادات حيّة

تروي المنطقة جمالها على لسان زوارها، منهم ما قَصّهُ المصور الأميركي، أندرو ستادر، الذي عاش لحظات من الانبهار في عمق الصحراء الجزائرية بين الجبال الحجرية والرمال الحمراء، عندما زارها منتصف عام 2022، مُشبهاً ما رآه بكوكب المريخ خلال زيارته للمحميات الطبيعية في أقصى الجنوب الجزائري.

أندرو ستادر، وهو أحد مصوري الحياة البريّة في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية، قال في شهادة له عن رحلته "عرفت منذ اللحظة الأولى التي عثرت فيها على الصحراء الجزائرية، أن سلسلة صور رواد الفضاء الخاصة بي لن تكتمل بدونها".

وروى المصور الرحالة قصته في الصحراء قائلا: "قضيتُ أسبوعين في استكشاف الصحراء الجميلة على متن مركبة كنت أقودها على الطرق الوعرة، كُنت أخيّم في العراء تحت النجوم وأمشي لمسافات طويلة في جميع أنحاء المناظر الطبيعية الشبيهة بالفضاء مع صديقي العزيز نيلز الذي جاء من هولندا لارتداء البدلة (الخاصة برواد الفضاء) ومساعدتي!". وختم قائلا: "الجزائر بلد جميل ولا أطيق الانتظار للعودة له!".

تراث إنساني مُصنف

صنّفت الجزائر هذه المواقع الصحراوية محميةً وطنية منذ عام 1987. وفي العام الموالي، قامت منظمة الأمم المُتَّحِدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بتصنيفها ضمن التراث العالمي، ورفع هذا التصنيف من أعداد السياح إلى المنطقة لاكتشاف هذا المتحف الطبيعي النادر الذي يستقبل كل ضيف بصدر رحب حيث تجدُ الطبيعة الخلابة في انتظارك لتدعوك إلى سفر لا يخطر على البال.

ولكن بالرغم من هذه المناظر الخلابة التي تتمتع بها الجزائر إلا أنّها لا تزال مجهولة عند كثير من الناس وهي بحاجة إلى التعريف أكثر، إذ تراهن وزارة السياحة الجزائرية على رفع نسبة السياح في الصحراء الجزائرية بين محليين وأجانب ليصلوا إلى 11 مليون بحلول عام 2030، كما جاء على لسان مسؤولين رسمين في قطاع السياحة.

المصدر: العربية

×