رغم تضررها من أسعار النفط

أسباب دفعت تركيا لتشجيع قرارات أوبك بلاس

أوبك بلاس تخفض الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا

أوبك بلاس تخفض الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

الرياض-اقتصاد تركيا

استقطب قرار "أوبك بلاس" بتخفيض إنتاج النفط بواقع مليوني برميل يوميا "مشجعين" للسعودية بعد أن قدمت نفسها كـ "قوة صاعدة"، وفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ".

وعلى الرغم من كونهما يستوردان منتجات الطاقة، دافعت الصين وتركيا عن قرار السعودية الذي يجعل أسعار النفط مرتفعة مع تدهور التوقعات الاقتصادية.

ويكشف الخلاف النفطي عن تحول أوسع مع استعداد الدول للرد أو التشكيك في النفوذ الأميركي حتى لو كان ذلك يتعارض مع مصالحها الاقتصادية المباشرة.

وذكرت "بلومبيرغ" أن بكين وأنقرة حريصتان على تعميق العلاقات مع المملكة التي تشهد طفرة اقتصادية، أو إيجاد طرق للاستفادة من الخلافات الاميركية السعودية في خلافاتهما الخاصة مع واشنطن.

قال مسؤول تركي تحدث لوكالة "بلومبيرغ" شريطة عدم الكشف عن هويته، إن انخفاض أسعار الخام سيكون أكثر فائدة لتركيا، حيث أسهمت تكاليف الطاقة في دفع التضخم إلى أعلى مستوى له منذ عقدين، لكن أنقرة تعترض على تهديد الولايات المتحدة لدولة أخرى، بحسب تعبيره. 

كان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال إنه لم يكن من الصواب أن تضغط الولايات المتحدة على السعودية بعدما أعلن منتجو النفط في مجموعة"أوبك بلاس" خفض الإنتاج رغم الاعتراضات الأميركية.

وبحسب الوكالة الأميركية، فإن لدى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أسباب وجيهة أخرى للوقوف إلى جانب الرياض، حيث سعى للحصول على دعم مالي من السعودية قبل الانتخابات الرئاسية الصيف المقبل، مما أدى إلى تحفيز العلاقات بعد سنوات من الخلافات.

وأشادت الصين، بدورها، بسعي السعودية إلى "سياسة طاقة مستقلة" بعد قرار "أوبك بلاس" وقالت إن على الرياض أن تلعب "دورا أكبر" في الشؤون الدولية والإقليمية.

وقال رافايللو بانتوتشي، الزميل البارز بكلية "إس. راجاراتنام" للدراسات الدولية (RSIS) في سنغافورة الذي يبحث في العلاقات الخارجية للصين، إن "الأمر كله يتعلق بمحاولة الاستفادة وزرع الانقسامات في التحالفات الأميركية التقليدية لمحاولة تقوية يد الصين على المسرح العالمي".

وردا على سؤال حول قدرة الصين على ملء الفراغ في العلاقات الاقتصادية الخارجية مع السعودية، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية، نيد برايس، إن الولايات المتحدة تزن مصالحها الوطنية في علاقاتها الثنائية.

وقال في إفادة صحفية يوم 7 نوفمبر: "في النهاية، سنتبع مسارًا يعتمد فقط على اهتماماتنا والقيم التي نقدمها لعملنا في جميع أنحاء العالم". 

وأشار مسؤولون أميركيون إلى التعاون بشأن أوكرانيا كدليل على استمرار نفوذ واشنطن في الشؤون الدولية.

ومع ذلك، أصبح ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قادرا بشكل متزايد على إبراز نفوذ سياسي في المنطقة وخارجها، حيث يقود ارتفاع أسعار النفط المملكة لأسرع معدل نمو ضمن مجموعة دول العشرين، بحسب الوكالة الأميركية.

وكتبت الباحثة البارزة بمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، كارين يونغ، هذا الشهر، "لا يتصور بلاده لاعبا من الدرجة الثانية".

الرجل البالغ من العمر 37 عاما "يرى النظام الجيوسياسي الناشئ مرنًا، ويتألف من مجموعة من الأجزاء المتشابكة، ويعتقد أن الرياض لها الحق في العمل مع كوكبة متغيرة من الشركاء لتحريك الأسواق وتشكيل السياسية".

ردا على أسئلة من "بلومبيرغ"، قالت يونغ إن الولايات المتحدة تواجه بعض الصدمات؛ لأنها تصمم السياسة الخارجية على أنها "تسلسل هرمي قائم على القيم" لمشاركة الديمقراطيات مع الأنظمة غير الديمقراطية.  وأضافت أن هذا يعقد أيضا قدرة الإدارة على البحث عن تعاون جديد.

إيران "تبقي الشراكة"

على الرغم من برود العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تواصل الولايات المتحدة الاعتماد على السعودية كحصن ضد إيران وشريك استراتيجي رئيسي في منطقة مضطربة، وفق تقرير لموقع "إنسايدر".

في الأسبوع الماضي، وجهت الولايات المتحدة طائراتها المقاتلة باتجاه إيران وسط تحذيرات استخباراتية من أن طهران كانت تخطط لهجوم وشيك بطائرة بدون طيار وصواريخ على السعودية.

ورغم أن الرياض لم تتعرض لهجوم، إلا أن الحادث سلط الضوء على "شبكة المصالح المعقدة التي تبقي التحالف الأميركي السعودي على قيد الحياة حتى في الأوقات الصعبة".

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "غلف ستيت أناليتيكس"، جورجيو كافييرو، "لا يمكن إنكار أنه ما دامت قوة الجمهورية الإسلامية موجودة، فإن المسؤولين في واشنطن والرياض سيستمرون في النظر إلى النظام الإيراني على أنه تهديد خطير لكل من المصالح الأميركية والسعودية".

خلال الشهر الماضي، عزز قرار تحالف "أوبك بلاس" الذي تقوده الرياض وموسكو من الضغوط على علاقات السعودية والولايات المتحدة المتراجعة بالفعل منذ وصول الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى البيت الأبيض.

وتبادلت الرياض وواشنطن اتهامات علنية وصفت بـ "النادرة" بعد قرار تحالف منتجي النفط الذي أغضب إدارة بايدن على اعتبار أنه "منحاز لروسيا". وتقول المملكة الخليجية الثرية بالذهب الأسود إن القرار يأتي في إطار "اقتصادي بحت".

وقال كافييرو لموقع "إنسايدر" إن إيران "إحدى العوامل العديدة التي تبقي الشراكة بين واشنطن والرياض حية على الرغم من كل مصادر التوتر بين الأميركيين والسعوديين".

ومؤخرا، تصاعدت التوترات السعودية الإيرانية بعد اتهام إيران لـ "إعداء أجانب" في إثارة الاحتجاجات الشعبية التي أعقبت وفاة الشابة الكردية، مهسا أميني، منذ منتصف سبتمبر.

وبينما لم ترد الرياض، صعدت إيران من لهجتها ضد السعودية خلال الفترة الماضية عبر تصريحات أكثر من مسؤول أمني وعسكري.

والأربعاء، ذكرت وكالة أنباء فارس، شبه الرسمية، أن وزير المخابرات في إيران قال لخصمها الإقليمي السعودية، إنه لا يوجد ما يضمن استمرار طهران في "استراتيجية الصبر".

ونقلت الوكالة عن إسماعيل خطيب قوله "تبنت إيران حتى الآن استراتيجية الصبر بعقلانية ثابتة، لكن ليس بوسعها أن تضمن عدم نفاده إذا استمرت الأعمال العدائية".

وأضاف خطيب: "إذا قررت إيران الرد والعقاب، فسوف تتداعى القصور الزجاجية ولن تشهد هذه الدول استقرارا بعد الآن".

قال كافييرو إن محمد بن سلمان "يعلم" أن واشنطن تعتمد على الرياض كشريك استراتيجي ضد طهران، مرجحا أن يستمر ولي العهد السعودي "في استغلال هذا الوضع" من أجل قيادة "مستقلة" للمملكة لتكون لاعبا على المسرح العالمي.

وأردف: "هذه مصالح مشتركة تجعل الولايات المتحدة والسعودية مهتمة بالشراكة الثنائية. الرياض تعرف هذا ويمكنها أن تستمر في إظهار رغبتها في سياسة خارجية مستقلة بشكل متزايد دون القلق بشأن انسحاب الولايات المتحدة فجأة من المملكة".

المصدر: بلومبيرغ

×